في الأيام الثلاثة الماضية، لم يذهب أمين الخنسا إلى مدرسته. توقفت حياة والده وأقاربه عن السير طبيعياًً. أمس، ورد اتصال من الخاطفين إلى الأب. أمسك أعصابه وأجاب، لكن الاتصال كان ناقصاً؛ حجب الخاطفون صوت أمين أيضاً
محمد نزال
يسهل لزائر منزل جهاد الخنسا، أن يكتشف وجود أمر غير طبيعي هناك. يغص المنزل بالمتضامنين مع صاحبه، في قضية اختطاف ابنه أمين (14 عاماً)، التي حصلت قبل يومين، من أمام المنزل نفسه، على طريق المطار ـــــ شاتيلا. كان ذلك في طريقه إلى مدرسته، التي لم يصلها، وبقي مقعده فيها شاغراً في اليومين الماضيين. يحتل الذهول ملامح الأب. يقول بصوته المتهدج: «ليس لديّ أي انتماء سياسي، لا أعداء لديّ ولا أتهم أحداً، كل ما أطلبه من الخاطفين أن يعود ولدي إليّ». جد الفتى يجلس في صدر المنزل، مستقبلاً الزوار. يردد الرجل الطاعن في السن: «ما أعز من الولد إلا ولد الولد، الخاطفون مخطئون في العنوان، لا نريد منهم شيئاً سوى إعادة الصبي». يعاود الأب الحديث، من صلب الموضوع هذه المرة: «اتصل الخاطفون في يوم الحادثة نفسه على هاتفي الشخصي، وقالوا: ابنك معنا، جهّز مبلغ 1.5 مليون دولار أميركي كي تتسلمه، ونحن سنعاود الاتصال». أقفل الخط، وأقفلت الدنيا في وجه الوالد.
رفض تصديق الأمر في البداية، فهو العائد حديثاً من سفره إلى لبنان ليستقر بجانب عائلته، وما كان ليخطر بباله أنه سيكون أمام حادثة «أشبه بأفلام خطف الرهائن»، لا بل هي «فيلم بحدّ ذاته» كما يرى رئيس اتحاد بلديات الغبيري محمد الخنسا، الذي علّق هو الآخر على الحادثة بالقول: «شعرت بأن هناك اهتماماً من الوزير زياد بارود، لكن هناك حاجة إلى التنسيق الكامل بين كل الأجهزة الأمنية المعنية، كذلك يجب التنسيق بين الوزارات المعنية». ويعمل جهاد الخنسا في تجارة قطع السيارات، ما يجعله يعتقد بوجود «شبهة لدى الخاطفين». لا ينفي أنه استدان مبلغاً من المال أخيراً ليتابع عمله التجاري، كذلك فإن زوجته تعمل معلّمة في إحدى مدارس المنطقة، «وبكل الأحوال المبلغ المطلوب من الخاطفين غير متوافر لديّ، فضلاً عن أن الفدية المطلوبة غير معقولة».
رنّ هاتف الوالد من جديد. «من المتصل؟» سأل بحذر شديد، فأتاه الجواب الصعب: «نحن الخاطفون، هل جهّزت المبلغ؟»، سكت لبرهة وقال ببأس: «ولكن أريد سماع صوت ولدي أمين ليطمئن قلبي، هل يمكن ذلك؟»، سأل على عجل. «لا» كانت الإجابة، وانقطع الخط. يجلس الحاج أبو سعيد الخنسا (رئيس بلدية الغبيري) مع العائلة، يتصل ويتلقى الاتصالات، يطمئن العائلة عن آخر التطورات، إثر تواصله مع قادة الأجهزة الأمنية والشخصيات السياسية. «الأجواء في المنطقة مشحونة، ونقوم بتهدئة النفوس لأننا لا نريد أي احتجاج في الشارع، ولتبقَ المسألة بيد الأجهزة الأمنية»، يقول الخنسا، ويردف مستغرباً: «ما حصل يتعلق بالأمن الاجتماعي ويمس كل طالب لبناني، كما يمس أمن بيروت، فإن كانت مثل هذه الحوادث تحصل في قلب العاصمة، فماذا يمكن أن يقال عن مناطق الأطراف؟».
وكان وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، قد أكّد أن الموضوع قيد المتابعة الجدية من القوى الأمنية. كذلك عمّمت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الرسم الشمسي للفتى، راجية من المواطنين الكرام الذين شاهدوه أو لديهم أية معلومة عنه أو عن مكان وجوده، الاتصال على أحد الأرقام: 810170/01 ـــــ 810171/01 للقيام بالإجراءات القانونية اللازمة، علماً بأن أي مواطن يسهم في إعطاء أية معلومة يبقى اسمه طي الكتمان.