زار الفوج المجوقل في الجيش اللبناني، أمس، «معهد العلوم والتكنولوجيا» في جامعة القديس يوسف في مار روكز. في الباحة، قدم العناصر عروضاً عسكرية منوّعة لطلاب الجامعة الذين توافدوا من مختلف الفروع ليستمعوا إلى لمحة عن «معركة البارد» عرضت لهم كيف حارب الجيش الإرهابيين
ديما شريف
«كيف هرب شاكر العبسي؟ هل يعدنا الجيش بأنّه أخذ العِبر وأصبح أقوى؟ ماذا يحصل اليوم لتسليح الجيش؟ من كان يموّل فتح الإسلام؟ ما قضية المساعدات والهبات من روسيا؟»
خمسة أسئلة فقط هي تلك التي أتاح الوقت لطلاب الجامعة اليسوعية لطرحها على قائد الفوج المجوقل في الجيش اللبناني، الكولونيل جورج نادر، بعدما احتشدوا لمقابلته في مسرح معهد العلوم والتكنولوجيا. أما المناسبة فهي «تعزيز التواصل بين الجيش اللبناني والشعب، وخصوصاً الطلاب».
لم يكن يوم أمس، إذاً، عادياً في اليسوعية. إذ احتشد أكثر من ألف طالب في مسرح الجامعة للاستماع إلى شرح قدمه الكولونيل نادر عن معركة مخيم نهر البارد، عبّر خلالها عن فخره الكبير بالفوج الذي كانت أولى مهماته في الضنية عام 2000 ضد الإسلاميين. «ما رحلنا غير شخص واحد» قال نادر، متناسياً الضحايا المدنيين. وتابع نادر أنّ أخطر مهمة للفوج كانت معركة البارد التي ذهب ضحيتها 42 شهيداً و521 جريحاً من الجيش، مقارناً بين الجيش اللبناني الفقير والجيش الأميركي ليبرهن «تفوقنا»، ومستشهداً بمعركة الفلوجة التي استخدم فيها الأميركيون 18 ألف جندي ليحاربوا 1200 عنصر من القاعدة، مقابل استخدام الجيش اللبناني 4000 جندي لمحاربة 1000 من «فتح الإسلام»!
ولم يكن الكولونيل نادر مضطراً لاستدرار العطف من الطلاب الذين صفّقوا كلما ظهرت على شاشة العرض صور المخيم المدمر عن بكرة أبيه، غير آبهين بـ35 ألف نسمة من سكان المخيم، لا يزال معظمهم مشردين. ليعلّق إثر عرض صورة لجندي وراء متراس وسط الدمار «شوفوا بأي ظروف كنّا عايشين».
صفّق الطلاب عندما قال نادر إنّ الجيش ترك مجالاً للمفاوضات لحماية السكان والسماح لهم بالنزوح خارج المخيم، مدللاً على صحة كلامه بصورة ظهرت فجأة: جندي لبناني يحمل طفلاً، تمشي خلفه نساء منقّبات، فيما يسأل التعليق المكتوب تحتها: «ما هو شعور العسكري الذي يحمل ابن الشخص الذي قتل رفيقه منذ ساعات؟». أوضح نادر أنّ هذه كانت إحدى عائلات الإرهابيين تخرج من المخيم تحت حماية الجيش، مضيفاً أنّ هؤلاء قد شتموا الجيش. فعلق أحد الطلاب «وعمّ تضهّرون لبرّا؟ خلّيون جوّا». وعندما حان وقت الأسئلة، شدد الكولونيل نادر على أنه سيجيب عن أسئلة الطلاب فقط، وسيمتنع عن الرد على أسئلة الصحافيين(!) الذين ينبغي منهم توجيهها إلى مديرية التوجيه في الجيش. ملاحظة: كان بإمكان أي صحافي المشاركة من دون أن تنكشف هويته، لأن الصحافيين كانوا يفترشون الأرض وسط الطلاب.
أما عند المقارنة التي أقامها الكولونيل بين أسلحة الجيش اللبناني وأخرى تستخدمها جيوش العالم، فقد كانت المفارقة فاقعة إلى درجة أن الطلاب استغرقوا في نوبة من الضحك لم تنته إلا بحلول وقت الأسئلة. فقد أفادنا الكولونيل بأنّ دبابة AMC الفرنسية وضعت في المتحف في منشئها، فيما لا يزال الجيش اللبناني يستخدمها. كذلك دبابة T54 الروسية التي توقفت كل جيوش العالم، باستثناء الجيش اللبناني، عن استخدامها منذ عام 2001.
أما عن كيفية هروب شاكر العبسي، فقد أكد الكولونيل نادر أنّه لا يوجد طوق يمكن أن ينجح 100 في المئة، إلى جانب أنّ الجيش لم يكن يملك وسائل رؤية ليلية مع وجود أنفاق تحت المخيم. أما سؤال من كان يموّل فتح الإسلام، فقد اعترف نادر بأنه لا يملك إجابة عنه.


القتال أثار حماسة الفتيات

كان يبدو من العرض أنّ الجيش يقوم بحملة علاقات عامة لجذب الشباب للانضمام إليه، على غرار ما يفعله الجيش الأميركي في الثانويات والجامعات. إذ لم يتوان أحد المسؤولين عن العرض عن القول «يلّي بيحب يعمل متلو نحنا جاهزين في غسطا. أهلاً وسهلاً بكم». قدم عناصر الفوج عروضاً منها النزول عن سطح أحد المباني بواسطة الحبال، التي استخدموها أيضاً ليعبروا فوق الملعب. كذلك حضرت طوافة من الجيش أنزلت عناصر على سطح مبنى. أما الطالبات، فقد عجزن عن كبت نشوتهنّ خلال مشاهدة عرض القتال، فصرخت إحداهنّ «ياي شو رجال!»، بينما هتف أحد الشبان لصديقه عبر الملعب «تعلّم وصير زلمي». طالب واحد لم يعجبه ما يحصل وقال «هيدي كلا مسخرة. لا معنى أبداً لكلّ ما يحصل».