رامي زريققد يكون باراك أوباما أول رئيس أميركي يعترف بأهمية الزراعة الحضرية وبضرورة الاعتماد على الغذاء المحلي بدلاً من ذلك المستورد. وقد جاء تعيينه أستاذة جامعية متخصصة في مجال الزراعة المستدامة على رأس فريق العمل الزراعي ليتوّج هذا الخيار الاستراتيجي. أما زوجته ميشال فقد تبنّت النمط ذاته، وقامت بتعديلات جذرية في حدائق البيت الأبيض، إذ حوّلت جزءاً منها إلى مزرعة عضوية. تبعت السلوك ذاته سيدة كاليفورنيا الأولى التي خصصت حديقة في إحدى المدن الزراعية للمحاصيل والخضار. وهذه المقاربة لتنسيق المساحات الخضراء في المدن القديمة ـــــ الجديدة، يطلق عليها اسم «تذوّق المنظر» لأنها تتيح للمواطن فرصة العمل في الأرض وإنتاج الغذاء والاستمتاع بالمنظر. ويعود تاريخ هذا النمط التصميمي إلى الفترة التي تلت مباشرة الحرب العالمية الأولى، حينما كان الاقتصاد الأوروبي مدمّراً، وكانت الحكومات تسعى لإعادة الإعمار بطريقة تعطي المواطن الذي كان قد حرم من أساسيات العيش خلال الحرب والذي كان لا يزال يعاني الحرمان، عملاً يرفّه به عن نفسه وتكون له جدوى اقتصادية وغذائية.
وخصصت هذه الدول بعض المساحات العامة، التي قد تكون في وسط المدينة أو ضواحيها القريبة، لمن يرغب ممارسة هواية الزراعة. وبعد انتهاء مرحلة ما بعد الحرب، لم تستعد الدولة هذه الأراضي، بل وضعت مساحات جديدة بتصرف المواطنين، وبذلك أصبحت الزراعة الحضرية والحدائق المزينة بالشتول الزراعية إحدى المقاربات للتخطيط المدني والتصميم الحضري، وانتشرت فكرة «تذوق المنظر». ومدينتنا بيروت بعيدة كل البعد على هذا النمط من التصميم، يحتلها الإسمنت والإسفلت، وتغيب عنها المساحات الخضراء، وتبدو كأنها من تصميم فنان شرّير أراد للمواطن أن «يتذوق الزفت».