حاصبيا ــ عسّاف أبورحال100 ألف أو 200 ألف، هذا هو المعدّل العام للأجور التي يتقاضاها عدد كبير من الفتيات العاملات في قرى الجنوب المحتلة سابقاً. أسباب كثيرة تقف خلف هذا الخلل أبرزها، برأي الأهالي، عدم تمكن الدولة حتى الآن من إثبات فاعليتها تنموياً في المنطقة.
«لا أريد شراء سيارة ولا بناء فيلّا. كل ما أريده هو العمل براتب لا يقلّ عن الحد الأدنى للأجور». هذه الصرخة تطلقها نجيبة وزير (38 عاماً)، ابنة بلدة حاصبيا، شاكية غياب فرص العمل «وإذا وجدت، يستغلّ رب العمل سلطته ويفرض ما يريده». نجيبة ملتزمة بعملين، يعودان عليها بمبلغ 350 ألف ليرة شهرياً لا يكفي لسدّ حاجاتها الضرورية. وهي تشير إلى وجود فتيات كثيرات «يحملن الشهادة الثانوية وبعضهنّ جامعيات، لكنهن يعملن في محال للملبوسات أو الحلويات بأجور متدنية جداً، الأمر الذي ولّد حالات نفور من الواقع الأليم».
تعيد نجيبة سبب تدني الراتب إلى ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن، إضافة إلى أن «بعد المسافات عن المدينة يشكّل حاجزاً أمام التطلّع لفرص عمل أفضل». وتحمّل المسؤولية للاحتلال الإسرائيلي الذي جعل المنطقة في حالة من العزلة. «هذا الأمر دفع بالكثيرين إلى التفكير في كيفية التحصيل المادي على حساب التحصيل العلمي الذي يكاد يقتصر على المرحلة الثانوية لصعوبة الانتقال إلى المدينة وتخطّي المعابر الأمنية سابقاً».
رانية زويهد (35 عاماً) تحمّل بدورها المسؤولية للاحتلال، لكن بشكل مختلف. فهي ترى أن سنوات الاحتلال الطويلة أرست ثقافة استسلام «ولا يزال المواطن متأثراً بهذه الحالة ولا يجرؤ على المطالبة بحقوقه». وتضيف سبباً آخر: «فتيات كثيرات لا يملكن طموحاً ولا برنامجاً لمستقبلهنّ. ويبدو الخروج عن هذا الإطار صعباً في مجتمعنا الذي لا تزال تتحكم فيه العادات والتقاليد»، مشيرة إلى النظرة التي تواجَه بها الفتاة «التي تفكر في الانتقال من القرية والإقامة بعيداً عن أهلها».
تعمل زويهد في «سوبر ماركت» بأجر شهري قدره 200 ألف ليرة لا يكفي لتسديد فواتيرها الشهرية، وتؤكد أن «أصحاب المحال يجنون أرباحاً، لكنهم يبخلون على العامل بأجر مقبول، وهذا إجحاف بحق العاملين، وخصوصاً الفتيات». وتقارن بين هذه الرواتب وما كانت الفتيات يجنينه خلال سنوات الاحتلال وعملهنّ داخل الأراضي المحتلة: «كانت الفتاة تنتج نحو 800 دولار شهرياً، مقابل مئة دولار حالياً، وهذا أمر مؤسف يترجم المعاناة في كل منزل». لذا، تطالب المعنيين بالقيام بلفتة تنموية تؤمن فرص العمل وتحدّ من هجرة الشباب، ولا سيما أننا على أبواب الانتخابات النيابية.