رنا حايكخبر عاجل: «يجب تجديد بطاقة الاحتياط». أثناء ذلك، كان الشباب يتحمّلون مشقة «اغتراب» ساعات العمل الطويلة، أملاً في ادخار ما تيسّر لبدء حياة مؤجلة دائماً في لبنان. كانوا جميعاً يعتبرون أنهم أدوا واجباتهم، إذ انتهوا من تلك «السنة المستقطعة»، وانصرفوا لتكوين مستقبل يتبرأ الوطن من مسؤولياته تجاهه.
أثناء ذلك أيضاً، كان السواد الأعظم من هؤلاء قد استعاد مظهره البوهيمي، مبتعداً عن صورة «الماتشو» لمغوار حليق الشعر ببزة عسكرية مرقطة، لم تعد معظم الشابات يذبن رغبة أمامه. «الرجاء إرفاق الطلب بصورة شخصية: ذقن حليقة وشعر قصير». يا للهول!
مقابل ماذا يحق للوطن التحكم بمظهر شبابه؟ ففي «الدول المتقدمة»، تغرق الأوطان شبابها بالتقديمات لينخرطوا في جيشها، أما النداء الذي أطلقه كينيدي في الستينيات «لا تسألوا عما يقدمه لكم وطنكم بل اسألوا عما تستطيعون تقديمه للوطن»، فقد كان يخفي في كواليسه الكثير من الامتيازات.
حاصله، أعلن الشباب حالة الطوارئ، وانهمكوا في ترتيب أدراجهم بحثاً عن صورة قديمة لهم تنقذهم من تبديل مظهرهم للقيام بإجراء لا يعرفون أسبابه، لن يفضي على الأرجح إلى ترجمة عملية بما أن «الاحتياطي» يظل احتياطياً في لبنان. فحكوماتنا المتعاقبة تطالب بامتلاك قرار الحرب والسلم، فيما تريده مجرد إطار يزيّن جدران وزرائها، بينما يقدم جيشها الشاي في ثكناتهم للعدو خلال غزواته السافرة.