هيثم عبد الكريم شحرورلكم الحق في الاحتجاج على حرق علم بلادكم، وللشعوب العربية الحق أيضاً في الحزن على إحراق شعب غزة. لكنّ الخطر الحقيقي على الأمن القومي المصري هو في وجود 20 مليون مصري دخلهم الفردي اليومي أقل من دولارين. من حقكم أن ترفضوا التدخل في شؤون بلدكم، لكن أسألكم: أليست زيارة نائب رئيس الاستخبارات المصرية اللواء عمر القناوي إلى لبنان أخيراً ولقاءاته وتدخله في شؤون أمنية لبنانية، تدخلاً في شؤون بلدنا؟ ألا ترون أن عرض موضوع شبكة الاتصالات الهاتفية للمقاومة اللبنانية على وزراء في الحكومة المصرية تدخل في الشؤون اللبنانية؟
إذا كنتم ترون أن سلاح المقاومة اللبنانية دولة ضمن دولة، أفليس السلاح والمدافع التي تملكها العشائر في صعيد مصر عبارة عن دولة ضمن دولة؟ أين سيادة الدولة المصرية على إقليم الصعيد؟ إذا كان ممنوعاً تخوين القيادة السياسية الرسمية المصرية، فهل مسموح لسيادة الرئيس المصري حسني مبارك تخوين المسلمين الشيعة العرب والتشكيك بعروبتهم وبولائهم لأوطانهم؟ إذا كانت دعوة الجيش المصري إلى فتح معبر رفح نصرة لغزة مشبوهة، أفليست الدعوة إلى إرسال كتائب من الجيش المصري إلى لبنان تحت عنوان قوات ردع عربية تدخلاً في شؤون الشعب اللبناني وإرادته؟ إذا كنتم تطالبون بإشراك جميع مكوّنات الشعب العراقي في العملية السياسية في العراق، فلماذا لم تطالبوا بالموقف ذاته أثناء الخلاف السياسي اللبناني بين المعارضة والموالاة؟
ألا يعني تأييدكم للموالاة في لبنان ضد المعارضة تدخلاً في الشؤون اللبنانية؟ وهل سمعتم بإعلامي لبناني تدخل ليطالبكم بإشراك الإخوان المسلمين أو الأقباط المسيحيين في إدارة شؤون الحكم في مصر؟
وإذا كنتم تلومون قائد المقاومة اللبنانية على قوله بعد حرب تموز: «لو كنا نعلم بحجم ردة الفعل الإسرائيلية على خطف الجنديين لما قمنا بذلك»، فهل سمعتم المقاومة اللبنانية تعلق على تصريح فضيلة الشيخ الطنطاوي بعدما صافح شمعون بيريز قائلاً: «لو كنتُ أعلم أنه شمعون بيريز لما صافحته». يقولون إن جماهير المقاومة اللبنانية ومعها إخوانها في العراق نظّمت تظاهرات «بلا أكفان» دعماً وتأييداً لأهالي غزة، ويتناسون أن هؤلاء ـــــ تعالوا فوق المذهبية ـــــ ووقفوا مع حماس ضد إسرائيل على الرغم من أن الحركة أقامت مراسم تأبين وتعزية للإرهابي أبو مصعب الزرقاوي. أن يجد الإعلامي الرسمي المصري حلولاً لمشاكل السير والازدحام في شوارع القاهرة أهم بكثير من التعليق على أحداث الزواريب اللبنانية. إن مفهوم العروبة تعرض للتنكيل مرتين: مرة عندما رُبطت العروبة بالإسلام، والآن بعدما رُبطت العروبة بالمذهبية.
كنت أتمنى أن لا تصبح الصحافة المصرية الرسمية صدى للصحافة الرسمية الخليجية التي حوّرت وحوّلت الصراع الجغرافي بين العرب وإسرائيل إلى صراع تاريخي بين المسلمين سنّة وشيعة، فوقع الالتباس بين القادسية والقدس. لا نستغرب وصفكم للمسلمين الشيعة العرب بأنهم نفوذ إيراني كما أنتم تنعتون أبناء شعبكم من الإخوان المسلمين بالنفوذ البريطاني وتتعاملون مع المسيحيين الأقباط المصريين كأنهم جالية يونانية.
بعد انتصار المقاومة في حرب تموز، أعلنت تسيبي ليفني أن أقوى جيش في العالم لا يستطيع نزع سلاح المقاومة، فيما معظم الكليات الحربية تبنت أساليب حرب المنظمات ونتجت من ذلك دعوة إلى تغيير النظريات العسكرية والعقائد القتالية. أما بعض الإعلام العربي الرسمي فلم يرَ في انتصار المقاومة في حرب تموز إلا دعوة إلى نشر المذهب الإسلامي الشيعي.