تورونتو ـــ وسام بلوطبعدما نجحت معذّبتي في الإيقاع بي في شرك الغرام، توصلت إلى إقناعي بالاستماع إلى أغنيات كثيراً ما رأيت أنها مضجرة وطويلة، كأغنيات أم كلثوم. خضعت ورحت أبحث عن الأغاني الكلاسيكية العربية على الإنترنت. إنت عمري. وجدتها! ولكن مهلاً، لم أسمع من قبلُ بالمطربة زهافا بن. قلت لعل هناك خطأً ما.
حمّلت الأغنية على جهازي وشغّلتها فوراً. ازداد فضولي ورحت أبحث عن معلومات عن المؤدية، ليتضح لي أنها إحدى أشهر المغنيات في إسرائيل!
لا أنكر أني وللوهلة الأولى أحسست بشيء من الانتهاك، وبمسؤولية ما لاسترداد أغنية مثّلت لي جسر عواطف، لتصبح الآن قضيتي القومية وعنوان مقاومتي الساذجة. تركت الأغنية أسيرة النشاز الموسيقي جانباً، وبحثت عن هوية المسبّب لهذا «الأسر».
سرعان ما اهتديت إلى موقع إلكتروني يصدر من ولاية أيوا الأميركية عنوانه www.shira.net) (أي «غنِّ»)، صاحبه مصمّم رقص شرقي يهودي الجذور.
يدرج المصمّم، إلى جانب إعلانه عن خدمات تعليم الرقص الشرقي التي يقدمها، أغنيات عربية مترجمة إلى الإنكليزية، يؤدي بعضها مطربون إسرائيليون، كما هي حال أغنيتي.
فها هي أغنية «عَ الندّى الندّى» لصباح تنتظر من يقرأ ترجمتها، وتلك أغنية «آه ونص» لنانسي عجرم، إضافةً إلى أغاني عمرو دياب، وردة، ونجوى كرم، ومطربين آخرين.
تجربة مثيرة للجدل جعلتني أسأل عن دوافعها: أهي دوافع «ثقافية» صرف تهدف إلى نشر التواصل بين ثقافتين ساميّتين وتقريب وجهات النظر عبر الفن والموسيقى؟ أم تراها بداية لمصادرة فن الشرق وثقافته لإعادة تصديره بصيغة شرق أوسطية؟ هل هي العنوان الفاقع لبداية تطبيع من طرف واحد؟ أم أنها تجسّد، بكل بساطة، ترجمة عملية لضرورة إتقان «لغة» العدو؟