جالا نعمان لطالما حلمت باليوم الذي سأصبح فيه أماً... ولطالما تخيلت لحظة لقائي بذلك الكائن الصغير الذي سأهبه الحياة. كنت قد تخيّلت أيضاً أنني سأذرف دموع الفرح، وكنت حقاً أمسح الدموع عن وجنتيّ كلما تخيلت هذا المشهد في ذهني.
ثم شاء القدر أن أعمل في مدرسة وأن أُحاط بالأطفال في جميع الأوقات. أكّد تفاعلي مع «أطفالي» وتعاملي «الأمومي» معهم رغبتي الحقيقية بالإنجاب.
ها أنا ممددة على سرير الطبيب أتفرس في الشاشة الصغيرة، لا أرى شيئاً واضحاً. يدل طبيبي على بقعة سوداء بالكاد استطعت رؤيتها ويقول «ها هو». الابتسامة العريضة لا تفارق شفتيّ، ولولا «العيب» لكنت أطلقت ضحكة. كنت سعيدة، سعيدة جداً بالرغم من عدم رؤيتي أي شيء يمكن وصفه بالجنين. وحينها نسيت كل شيء: بكائي الليلة السابقة، قلقي بشأن دورتي المتأخرة. حتى أنني لم أنظر مرة إلى الرجل الأهم في حياتي، الموجود معي في الغرفة والذي كنت متأكدة من نظرة الصدمة والمفاجأة على وجهه الذي أعجز عن الالتفات نحوه.
انتهى وقت «الإيكو» ورجعنا إلى مكتب الطبيب لإكمال المناقشة. الحمل طبيعي، داخل الرحم ولا يزال في أسابيعه الأولى. خربش الطبيب بضع كلمات لم أستطع قراءتها على ورقة وسلّمني حكم الموت. حبتان كل ست ساعات لمدة يومين و«أتخلص» من الحمل.
أنا لست ضد الإجهاض. لا تمنعني مبادئي من اتخاذ قرار كهذا. رغبتي الحقيقية هي الإبقاء على الجنين. ولكني لأسباب مختلفة لا أستطيع القيام بهذا.
عند خروجنا، صديقي وأنا، من عيادة الطبيب، رأينا ملصقاً لرجل وامرأة تحمل طفلاً، وأسفل الصورة شعار يقول: خيارنا وليس بالصدفة. ضمني صديقي إلى صدره ووعدني بأننا يوماً ما سنُرزق، بكامل إرادتنا، ابناً أو بنتاً لن نضطر إلى التخلي عنهما.