خرج مخاتير البقاع عن صمتهم متهمين اتهاماً مباشراً مجندي قوى الأمن الداخلي في «مشغل الهوية» بالمسؤولية عن الأخطاء التي ترد في البطاقات المنجزة، والتي بات بسببها «الذكر أنثى والأنثى ذكراً»، إضافةً إلى أخطاء في أرقام سجلات القيد. فيما ضاع المواطن بين «حانا» البصمات و«مانا» الأخطاء، فأعاد البعض تقديم الطلبات، فيما فضّل عدد كبير الامتناع وملازمة المنزل يوم الاقتراع
البقاع ــ رامح حميـة
«ورو» بدلاً من ورد، و«عيا» بدلاً من غيا، لكن تبقى المفضلة للمتندّرين تلك التي أوردت اسم المواطن «طاريا الشمالي حسن حمية» بدلاً من علي حسن حمية. هذه الأسماء ليست رموز شِفرة، بل بعض الأخطاء في بطاقات هوية المواطنين هنا، التي انتظروها بعد محاولات عدة، ليتصاعد بعدها الاستياء سواء من المخاتير أو من وزارة الداخلية، وليصل الأمر بالبعض إلى الامتناع عن تقديم طلبات جديدة، وبالتالي الامتناع عن التصويت في الانتخابات. لكن المخاتير قرروا نفض أيديهم و«بق البحصة»، معتبرين أن الخطأ ليس منهم بل من مجندي «مشغل بطاقة الهوية»، الذين بدلاً من التدقيق في المعاملات، ينجزونها «بسرعة تكثر معها الأخطاء، حتى إن بعضها حوّل الذكر إلى أنثى، والأنثى إلى ذكر!»، كما قال سعادة التوم، أحد مخاتير القاع، مستغرباً ذلك «مع أن الطلبات مرفقة بصور بيانات القيد ومنظّمة في دوائر النفوس». والأمر لا ينتهي هنا بل يمتد ليشمل عدم رضى المخاتير عن آلة الـ«سكانر الألمانية» التي أرسلت منذ أسبوعين إلى سيّار الدرك في بعلبك، بعدما كانوا قد طالبوا بها.
فقد أكد مختار التوم في حديث لـ«الأخبار» أن الأخطاء التي ترد في البطاقات كثيرة، وسببها «سوء التفاهم لدى الموظفين المكلّفين التدقيق في طلبات بطاقة الهوية، وخصوصاً مجندي قوى الأمن الداخلي»، في مشغل الهوية في الصنائع (مقابل المصرف المركزي)، وأن الرفض يجري «عشوائياً فضلاً عن أن التصحيح مرفوض»، سائلاً «كيف الحل لهذه الأسماء التي يرى أصحابها أن المختار هو المسؤول عن الخطأ؟». وأشار التوم إلى بطاقة هوية لطفل عمره ثلاث سنوات وقد رفض الطلب وأعيد بسبب «البصمات والمسح الضوئي»، علماً أن هذه الأعمار غير مطلوب منها البصم لأنها تحت سن الخامسة عشر، معتبراً أن رفض مثل هذه الطلبات يؤكد أن «الخطأ ليس منا بل من مشغل الهوية»، وأسف التوم لوجود الإرساليات الخاصة بطلبات الهوية مرمية في المشغل مثل «كوم الزبالة»، قائلاً: «ما بقا في احترام أكتر من هيك! إيه إيه ليش بدنا نتبهدل من ورا أخطاء الموظفين وسوء الإدارة في المشغل وحتى مزاجية المسؤول؟ الناس بيعتقدوا أنّو الخطأ من المختار خليهم يعرفوا مين السبب». وشرح أن المشغل «لزّم لشركة خاصة فرنسية حتى عام 2000 ومن ثم اشتراها ميشال المر»، وهي تتقاضى أجورها وأتعابها من الرسم الملصق على الوصل، فيما تدفع الدولة ثمن الهوية 3$ للشركة، وتكسب فقط 500 ليرة بدل الطوابع، وهي إضافةً إلى ذلك تقدم المجندين للقيام بالعمل في المشغل! فلماذا تضع الدولة موظفيها بدلاً من أن يكونوا موظفين خاصّين تابعين للشركة؟، وتابع «لماذا يترتب على المواطن دفع رسوم طلب جديد، علماً أن الشركة الخاصة عندما كانت تابعة للفرنسيين كان التصحيح على عاتقها، أما اليوم، فالتصحيح مرفوض وعلى عاتق صاحب الهوية!».
من جهته، رأى مختار بلدة العين يوسف جعفر أن «مجندي قوى الأمن الداخلي في مشغل الهوية هم المسؤولون عن الأخطاء التي ترد في بطاقات الهوية المنجزة، وليس للمخاتير أية علاقة بذلك»، مشيراً إلى أن طلبات الهوية التي ترسل إلى المشغل تكون مرفقة بصورة عن إخراج قيد فردي لـ«طالب الهوية منظم في دوائر الأحوال الشخصية» «فكيف سنخطئ؟». ولفت إلى العديد من الأخطاء مردّها إلى عدم التدقيق، ومنها إرسال طلبات بطاقات هوية بدلاً من ضائع ـــ والمؤكد أن لديه بصمات عند الدولة لكونه يملك بطاقة استحصل عليها سابقاً وأضاعها ـــ فكيف يرد الطلب بذريعة «البصمات غير صالحة أو مسح ضوئي؟ وفي هذه الحالة يبقى على صاحب الطلب المرفوض أن يتقدم بطلب جديد، ويدفع الرسم من جديد، وخاصةً أن وزارة الداخلية مدّدت للمواطنين المرفوضة طلباتهم مهلة تقديم طلبات جديدة».
وانتقد جعفر البصامة الآلية التي أرسلت بعد طول انتظار منذ أسبوعين تقريباً، ليتبين أنها «قديمة.. فهي موجودة في كل المؤسسات الخاصة في لبنان أقلها في المستشفيات لضبط دوام عمل الموظفين»، موضحاً أن كل شخص يحتاج إلى أكثر من 15 دقيقة للبصم وبأربع أصابع فقط، ليتبعها ببصمتي الإبهامين.
وأكّد مختار بلدة عرسال علي الفليطي أنه نتيجة رفض البطاقات والأخطاء التي ترد، دُفع المواطنون إلى العزوف والتقاعس عن المطالبة بالاستحصال على بطاقة الهوية وإنجازها قبل الانتخابات، ولسان حال غالبيتهم: «خلص... عمرو ماحدا ينتخب ما بدي بطاقة»، مشيراً إلى أن «الناس اللي صارت باصمة أكثر من خمس مرات وتدفع الرسم عند كل طلب، زهقت وصار بدنا نترجّاهم ليطّلعوا بطاقة». ولفت الفليطي إلى أن الأخطاء تشمل أيضاً أرقام سجلات القيد وسائر البيانات الواردة على متن البطاقة، وأن المشكلة لا تقتصر على مخاتير البقاع فقط بل تتعداها لتشمل جميع المناطق اللبنانية.
مصدر في وزارة الداخلية (رفض ذكر اسمه) أكد لـ«الأخبار» أن المشغل تابع لشركة فرنسية اسمها (sagene) وأن السبب في الأخطاء «هم المخاتير أنفسهم حيث يسارعون إلى تعبئة مئات الطلبات، ومنها ما يصل بدون توقيع للشهود أو لمأموري النفوس، فضلاً عن صور شمسية لطالبي هوية في حديقة». ونوّه المصدر بكفاءة الأشخاص المكلّفين التدقيق في إنجاز الطلبات «سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، حيث يؤدّون عملهم بحرص وجهد كبيرين». وعن الإرساليات ووجودها في الممرات نفى المصدر ذلك، مؤكداً التنظيم في ظل وجود أقسام متعددة في المشغل سواء للتدقيق أو الحفظ، إضافةً إلى خطوط مفتوحة مع المخاتير ودوائر الأحوال الشخصية للتواصل والتأكد من البيانات».