نبيل عبدو«هل التقينا من قبل؟ في حلم ربما؟»، سألتني.
ابتسمت واكتفيت بجواب سخيف. فقد صفعتني جملتك «الكليشيه»، لأني بكل بساطة لم أتوقع منك في آخر (؟) ليلة نقضيها معاً سؤالاً استهلكته الإعلانات، والكتب والأفلام الرخيصة. لم أردّ، لأني لم أكن أبحث عن أسئلة ولا عن أجوبة، فلقد كنت مشغولاً بالتحرر من الزمان والمكان. وددت لو قلت لك، إني رأيتك تحضنين بعض أمواج بحر غزة. أو إني التقيتك حين عشت شتاء ريتا مع محمود درويش. لكنني اكتفيت بتسليم خدي لراحة يدك… لعلّي لا أستفيق.
ككل المفترقين، تبادلنا الأشياء محاولين عبثاً تمديد المهل، والوعود لخوفنا من عبث المستقبل.
سألتني «هل تحب فلسطين؟» ولوّ! هذا من البديهيات. «أنا لا أحبها» قلت. فصفعتني مجدداً! لكنها القضية المركزية، صرخت. «إنها حفنة من التراب» أجبتني. فلم أفهم. وربما لم يكن هناك حاجة لأفهم. تذكرت النصيحة الشائعة: لا تحبي رجلاً لديه قضية، لأن وفاءه سيكون لها. كنا جالسَين على السرير، نتبادل أطراف الحديث. أداعب ضفائرك، كأني ألاعب رمال الوقت لأغويها فلا تنزلق. ودعتك ثلاث مرات، بكيت كطفل رضيع. لكنك لم تبك، وغمزت لي قائلة: «أنا غزاوية».
تلك الليلة، لمحتك تغنين «سلملي عليه» لفيروز، كحنظلة، مددت يدي لأستعيد يدك، لكنني عجزت، فالأحلام تخاصم اللمس. وفي الصباح، حاكيت القول الشائع، مقتنعاً بأن القضايا كالأوطان، محطات انتظار، يصعب الانتماء لها، بينما يسهل الانتماء للحلم.