تورونتو ــ وسام بلوط لم أكن قد وُلدت بعد في 13 نيسان 1975. أتخيّله يوم أحد أقحواني، وموسم انبعاث إله الجمال أدون ليتزاوج مرةً جديدة مع عشتروت الحب والجنس و... الحرب. سمعت وقرأت الكثير من الروايات، وتملّكني هوس لمعرفة حقيقة ما حدث في ذلك اليوم، حين انشطر الوطن، واستبيحت الحدود لترسم الشوارع حدود دويلات زعمائها الصغيرة.
ثلاثين عاماً وما زلنا نعيش سدوم وعمورة بأشكال عديدة. مرة نسمّيها حرباً أهلية، ومرة أخرى حرب أشقاء، ومرة ثالثة انتفاضات داخلية أو حروب تحرير أو إلغاء، والنتيجة نفسها دائماً. في العادة، تنتهي الحرب الأهلية بتغيير اجتماعي ما، أو بنتيجة تفضي بالوطن إلى واقع أفضل. أما تجربتنا، فقد كانت خارج السياق العادي للأمور. انتهت حرب المدافع، ولم تساعد الصيغة التوافقية الجديدة سنة 1989 على عدم الانجرار إلى الحرب النفسية الاجتماعية، رغم أن الصيغة حسمت انتماء الوطن وهويته عربياً وحددت العدو رسمياً، لكنها تناست أن مفتاح الخلاص يكمن في بناء هيكلية لمجتمع مدني مرجعه وانتماؤه دولة المؤسسات فقط. تقرأ الشعوب عادةً تاريخها لتبني حاضراً يمهّد لمستقبل أفضل. أما نحن، فنتذكر الماضي ونصطفي منه أحداثاً تكرّس الاختلاف والعصبية في ما بيننا، لإعادة تفجيرها يوم تمر بوسطة عين الرمانة من جديد. أهو حقّاً غضب الآلهة انصبّ علينا ويمتد من جيل إلى جيل؟ أهي لعنة قايين الأبدية حُفرت على جبيننا لما اقترفناه من سوء بحق هذه الأرض؟