مضت ثلاثة أيام على اعتقال الضباط الأربعة في عهدة المحكمة الخاصة بلبنان، وتبيّن أن القاضي فرانسين الذي كان قد أمر بالاعتقال إلى حين اتخاذه القرار بشأنهم ليس مطّلعاً رسمياً على ظروف الاعتقال، ما يعدّ تجاوزاً للأصول المهنية والضمانات الحقوقيةعمر نشابة
استردّ المحقق العدلي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي صقر صقر مذكرات التوقيف بحقّ اللواء الركن جميل السيّد واللواء علي الحاج والعميد ريمون عازار والعميد مصطفى حمدان، غير أن الدولة اللبنانية ما زالت تحتجزهم في السجن المركزي في رومية، وذلك بناءً على طلب قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين. حيث «التمس» هذا الأخير من «المحاكم اللبنانية المعنية بقضية الحريري: (...) تقديم قائمة بأسماء الأشخاص الموقوفين رهن التحقيق إلى قاضي الإجراءات التمهيدية في أقرب وقت ممكن وضمن مهلة أقصاها (14) يوماً (الأمر الذي نفّذته السلطات اللبنانية بسرعة لافتة)، واحتجاز هؤلاء الأشخاص في لبنان في الفترة ما بين تسلّم نتائج التحقيق ونسخة عن سجلات المحكمة (...) واستصدار قرار قاضي الإجراءات التمهيدية عن استمرار احتجاز الأشخاص المحتجزين رهن التحقيق في قضية الحريري».
يُذكر أن الطلب كان قد صدر عن فرانسين في 27 آذار الماضي، غير أن مقرّر المحكمة روبن فنسنت أرسله إلى السفارة اللبنانية في لاهاي في 30 آذار بسبب عطلة نهاية الأسبوع (إذ إن 27 آذار كان يوم جمعة) وتسلّمته السلطات القضائية اللبنانية في بيروت في 1 نيسان.
تجاوزات القاضي فرانسين
إن طلب فرانسين احتجاز الضباط الأربعة في لبنان:
1ـــــ لا يحدّد مكان الاحتجاز ولا ينصّ على أي نوع من الاستمرارية لهذا الاحتجاز يمكن التذرّع بها لاستخلاص أن مكان الاحتجاز هو بالفعل مبنى «شعبة المعلومات» (غير مذكورة في القانون اللبناني) في السجن المركزي في رومية.
2ـــــ مخالف للأصول المهنية التي تضمن حقوق المحتجزين، إذ إن فرانسين ليس مطّلعاً على خصوصيات مكان الاحتجاز وإذا كانت ظروف الاحتجاز تتناسب مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
3ـــــ يعرّض المحتجزين لاحتمال تهميش حقوقهم، إذ إن المسؤولية القضائية لاحتجازهم غامضة، فهي تقع على عاتق سلطة دولية مستقلّة ـــــ المحكمة الخاصة بلبنان، بينما تقع المسؤولية العملية على عاتق السلطات اللبنانية. وعندما سألت «الأخبار» أحد المسؤولين في المحكمة عن مسؤولية أمن الضباط المحتجزين وسلامتهم خلال الفترة المذكورة في طلب فرانسين قال «هذا سؤال جيّد»، من دون أن يكون لديه أو لغيره من المسؤولين في المحكمة، حتى مساء أمس، أيّ «جواب جيّد».
وكان مجلس الأمن الدولي قد أنشأ في 30 أيار 2007 المحكمة الخاصة بلبنان، ونصّ القرار 1757 على أنه يفترض أن تعمل هذه المحكمة «استناداً إلى أعلى المعايير الدولية في مجال العدالة الجنائية». وأوضحت القاعدة الثالثة من نظام الإجراءات والأدلّة الذي نشر في 20 آذار الماضي أن القانون اللبناني يقع في المرتبة الرابعة عند تفسير مضمون القواعد، وتسبقه «بالأولوية» (in order of precedence) أولاً معاهدة فيينا (1969) وثانياً المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وثالثاً المبادئ العامة للقانون الجنائي الدولي. ويأتي القانون اللبناني في أسفل الائحة، وإن كان قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني يوجب «تفقّد كلّ من النائب العام الاستئنافي أو المالي وقاضي التحقيق والقاضي المنفرد الجزائي الأشخاص الموجودين في أماكن التوقيف والسجون التابعة لدوائرهم» (المادة 402).