أسامة القادريخرج بعض رجال الدين عن صمتهم فيما يتعلق بنتائج امتحانات القضاة الشرعيين الأخيرة. وكانت الامتحانات المذكورة قد بدأت في شهر كانون الأول من العام الفائت، وبدأت ردود الفعل تتوالى عليها منذ آذار. ويمكن متابع أحوال القضاء الشرعي أن يلحظ التغيّر الواضح في خطب الجمعة، بعد الامتحانات الشرعية، لما مثّلته الأخيرة من مادة دسمة للمشايخ، ومنهم المعيّنون من دار الفتوى في العديد من المساجد في البقاع الأوسط والغربي ومرجعيون وجبل لبنان. ورأى أغلب المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ في النجاح، ممن التقتهم «الأخبار»، أن الفحوص التي خضعوا لها لم تتوافق مع المعايير الأكاديمية والشرعية، ولم تراع ضرورتي الخبرة والكفاءة. وقال أحدهم في هذا الإطار «إن المباراة خضعت للمحسوبية بين رجال دين رفيعي المراكز»، علماً بأن المتحدّث مضى على عمله في المحاكم الشرعية فترة تتخطى خمسة عشر عاماً. وكانت الامتحانات محطّ ترقّب المئات من مساعدي القضاة الشرعيين ومتخرّجي المعاهد الإسلامية. والمفاجأة أن رفضهم للنتائج تخطّى النقد، لا بل وصل إلى وصف الأمر بـ«الصاعقة». متبارٍ آخر، استغرب عدم الكشف عن نتائج الامتحانات الخطية لجميع المشاركين، متهماً بعض المرجعيات الدينية والسياسية بالتدخل. وما يلبث المرشح المذكور أن يعلن بوضوح أن ابن أحد أبرز رجال الدين «نال شهادة قاضٍ شرعي من دون الخضوع للامتحانات». واستفاض شيخ آخر في تفصيل «المحسوبيات»، إذ فاز في البقاع صهر أحد المفتين «علماً بأنه كان في البرازيل، وأتى إلى لبنان لهذا الغرض». في مرجعيون الأمر مشابه أيضاً، فقد لفت مرشح آخر إلى أن ابن عم مفتي آخر رسب في دورتين سابقتين لمنصب مساعد قاضي شرعي، «فسافر إلى الخليج وعمل في شركة مختصة بأدوات التجميل»، قبل أن ينجح بدرجة مقبول، مستغرباً اختياره قاضياً شرعياً بعد هذه التجارب. وسجل شيخ جديد اعتراضه على نتائج الامتحانات، في منطقة جبل لبنان هذه المرة، حيث تساءل «عن حصول ابن أحد المفتين على منصب قاض شرعي»، معقّباً أن الأمر نفسه حدث شمالاً، «حيث أصبح مرافق أحد المفتين قاضياً شرعياً هو الآخر».
«هل العيب في أشخاص المساعدين ليتوقف طموحهم في المحاكم الشرعية؟»، تساءل الشيخ عمر حيمور، المساعد القضائي في محكمة جب جنين الشرعية، والمجاز في الشريعة الإسلامية من أحد المعاهد التابعة لدار الفتوى منذ عام 1991. وتابع تعليقه على نتائج امتحانات القضاة الشرعيين بالقول معاتباً: «نعم فوجئت بالمعايير المتّبعة في إصدار النتائج، وأطالب كباقي المرشحين بالكشف عن نتائج الامتحانات الخطية لجميع الإخوة المتبارين. وكيف يعقل ألا يوفّق أصحاب الكفاءة رغم سنوات الخبرة الطويلة لنا في المحاكم الشرعية؟». ولاقاه في ذلك شيخ آخر، رفض الإدلاء بكامل هويته خوفاً على مستقبله العلمي، فاستغرب كيف ينجح في امتحانات القضاء من رسب في امتحان مساعد قضائي، ويفشل طلاب دكتوراه في العلوم الشرعية. وأسف لأنه عندما تحين الفرص لأن ينتقل المساعد القضائي إلى وظيفة قاضي، بناءً على خبرته وشهاداته، تدخل «الواسطة». بدوره، الشيخ الدكتور خالد (رفض الإفصاح عن كامل هويته أيضاً) أوضح أن «ترسيب» خمسة من «الدكاترة» في العلوم الإسلامية، اثنان منهم يعملان في المحاكم بوظيفة مساعد قاضي منذ أكثر من عشر سنوات، هو أمر لا يمكن اعتباره طبيعياً، «فيما نجح من لا يحمل إلا الإجازة بدرجة مقبول، ولا يعلم شيئاً عن أعمال المحاكم».
من ناحية أخرى، لفتت بعض الأوساط إلى أن أحد القضاة الشرعيين في الشمال أزال عن ختمه الرسمي شعار الأرزة، لأنه «لا يعترف بنظام الجمهورية اللبنانية».