علي الديرانيفي غرفة العناية المركّزة في مستشفى رياق ـــــ البقاع، تنام قريرة العين والبال الشابة بتول غصن، ابنة الـ19 ربيعاً، وهي تحلم وتنتظر أن يعود وعيها، بعدما أصابها نزف حاد في البطين الدماغي من جرّاء تعرّضها لحادث صدم بينما كانت تقطع الطريق في منطقة الكرك، عابرة نحو جامعتها في كلية الصحة العامة الفرع الرابع.
لم تكن تحسب بتول يوماً أن مكروهاً كهذا ينتظرها، وهي الفتاة المثابرة والمتفوّقة في دراستها الجامعية، إلا أن القدر شاء أن يختارها ضحية للتقصير والفوضى وغياب التنظيم والعناية... فعلى هذه الطريق بالذات، لاقى كثيرون حتفهم من دون أن يتنبّه أحد من المسؤولين إلى هذه القضية التي أصبحت اليوم قضية كل طالب من طلاب كلية الصحة العامة وذويهم، حيث يرون أنه لا بد من استحداث جسر للمشاة ليعبر الطلاب إلى جامعتهم بأمان ويتابعون دراستهم في جميع المجالات الصحية (علوم تمريضية، مخبرية، علاج فيزيائي، قابلة قانونية، إشراف صحي اجتماعي...)، لينطلقوا نحو المجتمع بمؤسساته الصحية المختلفة ويكونوا اليد الأولى والمباشرة في تقديم العلاج والعناية الصحية اللازمة، لا أن يكونوا عرضة في كل صبيحة لمكروه يحملهم إلى المؤسسات الصحية، لكن لتلقّي العلاج والعناية لا لتقديمها...
بتول التي رفضت أي ارتباط قد يعوق متابعتها للدراسة، وكانت منهمكة في الأيام القليلة الماضية في الإعداد لنيل أطيب النتائج في امتحاناتها، تتابع نومها السريري والعيون والقلوب شاخصة تأمل سلامتها وعافيتها الكاملة.