شانتال داغرقرأنا في جريدة الأخبار في عددها 787 الصادر بتاريخ 3/4/2009، في الصفحة العاشرة، مقالاً بعنوان «تسلم يا عسكر... حملاتك» روى وقائع زيارة الفوج المجوقل في الجيش اللبناني للجامعة اليسوعية معهد العلوم والتكنولوجيا في مار روكز. حرصاً مني على الصدقية، أجدني مضطرة للتوقف عند بعض مقاطع المقال حيث برأيي ارتكبت الكاتبة مغالطات. تروي كاتبة المقال أن الضابط عند عرضه لمهمات الفوج، عرّج على عملية الضنية في الأول من كانون الثاني من عام 2000 وقال: «ما رحلنا إلا شهيد واحد، متناسياً الضحايا المدنيين».
أود أن أذكّر بأن عملية الضنية، قد حصلت في 1/1/2000 بعدما خطفت مجموعة من المسلحين المقدم المغوار ميلاد النداف وقتلت عسكريين كانوا برفقته، وهم جميعاً من فوج المغاوير، وقد قام الجيش اللبناني بمطاردة الإرهابيين في الجرود الشمالية وحاصرهم في قرية كفرحبو وتمكن من القضاء على قسم منهم وتوقيف قسم آخر، واستشهد في العملية المقدم النداف وأربعة مدنيين كانوا في المبنى المحاصر. قتلهم الإرهابيون لأنهم رفضوا مساعدتهم.
وهنا نُذكّر الكاتبة بأن الجيش لم ينس المدنيين الذين استشهدوا مع عناصره، إلا إذا كانت تقصد بالمدنيين الإرهابيين الذين قُتِلوا في العملية، وهذا شأن آخر. لقد قال الضابط إنه سقط للفوج المجوقل شهيد واحد في العملية، بينما بلغ عدد شهداء الجيش 11 جلّهم من فوج المغاوير وفوج مغاوير البحر.
وللتذكير فقط، ندعو الكاتبة إلى النقل الصحيح لوقائع المحاضرة، فهي تقول إنه سقط للجيش في معركة نهرالبارد 42 شهيداً و551 جريحاً، بينما لو انتبهت بدقة للعرض، لذكرت أن هذه الخسائر هي فقط في صفوف الفوج المجوقل، بينما خسائر الجيش بلغت 169 شهيداً وأكثر من 3000 جريح وذوي الحاجات الخاصة الذين لم تلتئم جراحهم بعد حتى الآن.
ثم تستطرد كاتبة المقال لتصف «ردة فعل الطلاب وتصفيقهم كلما ظهرت على شاشة العرض صور المخيم المدمّر عن بكرة أبيه، غير آبهين بـ35 ألف نسمة من سكان المخيّم لا يزال معظمهم مشردين». وللحقيقة أود تذكير الكاتبة مرة أخرى بوقائع العرض وذكر عدم وجود نيّة عند الجيش بمهاجمة المخيم. الإرهابيون هم الذين تعدوا على الجيش وقتلوا 27 عنصراً وضابطاً من خيرة الشباب في الجيش اللبناني الذي أعطى الوقت اللازم للوساطات لتسليم الإرهابيين الذين استفادوا من فترات المفاوضات ليزرعوا المتفجرات في كل مكان من المخيم.
ولم تذكر كاتبة المقال أيضاً أن مراحل المعركة كانت ستاً، وفي كل مرحلة كان الجيش يفسح في المجال لسعاة الخير للسعي الى تسليم القتلة، وكيف كان يعلن الهدنة من طرف واحد للسماح بإدخال المواد التموينية والطبية الى المخيم وخروج المدنيين منه. ونضيف بأن الـ35 ألف نسمة من «المشردين»، قد عاد معظمهم الى المخيم الجديد وهم في حماية الجيش اللبناني، وقد حصلت الدولة اللبنانية على ما يكفي من المال لإعادة إعمار المخيم نتيجة مؤتمر إعمار مخيم نهر البارد.
أما عن صور الجنود اللبنانيين الذين حملوا أطفال الإرهابيين، فقد ذكر الضابط صراحة أن القادة العسكريين قد بذلوا جهداً كبيراً لكبت ردود الفعل المحتملة إزاء عملية الإخلاء، ونحن نعتزّ ونفتخر بأن جنودنا أخلوا عائلات الإرهابيين الذين قتلوا رفاقاً لهم قبل وقت قصير، وهذه هي المناقبية العسكرية التي يتحلى بها جيشنا البطل.
هل بوسع الكاتبة أن تذكر لنا حادثة واحدة مماثلة حصلت مع أي جيش في العالم؟ نعم نحن نفتخر بأن جيشنا يحترم القانون الدولي الإنساني ويفرّق بين القتلة الإرهابيين وعائلاتهم.
وتستطرد الكاتبة بالقول: «عند مقارنة أسلحة الجيش اللبناني بأسلحة بعض جيوش العالم، استغرق الطلاب في موجة من الضحك». هذا الأمر مُضحك مُبكٍ، لكن لو تبصرت الكاتبة الغاية من هذه المقارنة لأدركت أن الجيش العظيم، بسلاحه الفقير والمتواضع، والذي لا يمكن مقارنته بأي سلاح حديث، قد خاض أصعب المعارك وأشرسها وانتصر على الإرهاب، في وقت تعجز فيه الجيوش الكبيرة، التي تملك إمكانات هائلة في السلاح والعتاد والتكنولوجيا، عن
ذلك.
أخيراً نودّ تذكير الكاتبة بأن ردة الفعل عند طلاب الجامعة وهيئتها التعليمية وإدارتها بكل فروعها كانت ممتازة ومشجعة ومرحبة بهذه الخطوة المحببة من جيشنا تجاه النخب المثقفة من أبنائنا، وقد رأيت بأم العين الفرح يعلو الوجوه، والشعور بالغبطة والفخر كان يملأ قلوب الحاضرين.
كذلك قال الضابط في المحاضرة: «إن بناء الجيوش يكلف غالياً، لكن عدم بنائها يكلف باهظاً»، ونحن نختار الثمن الغالي، لأن جيشنا يدفع الثمن الباهظ نتيجة عدم تسليحه وتزويده بما يستحقه من عتاد وسلاح.
إلى الأمام أيها الجيش المقدام، فالشعب كلّه معك... والحق معك... والله معك.