المدعي العام الدولي دنيال بلمار كان قد أعلن أن كسب ثقة الناس بالمحكمة من أولوياتها، لكن هل يساعد تمديد اعتقال أربعة أشخاص منذ نحو أربعة أعوام من دون اتهامهم أو حتى إصدار مذكرات توقيف بحقّهم في ذلك، أم يزيد من شكوك تقدّم السياسة على العدالة؟
عمر نشابة
سُئل أمس رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة للبنان فرانسوا رو ومنسّق الدفاع يوري ماس خلال أحد الاجتماعات التي عقداها مع الوكلاء القانونيين للضباط الأربعة المعتقلين: «هل يجوز أن يسجن أشخاص لنحو أربع سنوات في أوروبا مثلاً من دون محاكمتهم ومن دون حتى اتهامهم بارتكاب جريمة؟». ابتسم الرجلان ولزما الصمت.
على أي حال، إن الضباط الأربعة اليوم، بعد مرور شهر ونصف على انطلاق المحكمة الخاصة في لاهاي، وبعد مرور أسبوع على انتقال الاختصاص إليها، وبعد نحو أربع سنوات على توقيفهم في القضية نفسها، ما زالوا في السجن بناءً على طلب قاضي الإجراءات التمهيدية دنيال فراسين. والمفارقة في الأمر، لا بل الفضيحة القانونية الدولية تكمن في أن النيابة العامة التمييزية اللبنانية ما زالت تصدر أذونات لزيارات عائلاتهم، بينما كان المحقّق العدلي اللبناني قد استردّ مذكرات التوقيف بحقّهم وانتقل الاختصاص القانوني في القضية إلى المحكمة الخاصة في لاهاي. ويزيد على هذه الفوضى القانونية عدم إصدار المدعي العام الدولي أو القاضي فرانسين مذكرة توقيف يُسجَن الضباط على أساسها.

دفاع مستقلّ

بالعودة إلى السؤال الذي طرح في مطلع هذا النصّ، لا بد من الإشارة إلى أن المعايير القانونية والحقوقية لا تسمح بالاعتقال التعسّفي، غير أن الأمر يخضع أحياناً لاعتبارات سياسية. إذ إن علاقة السلطات التنفيذية بالنيابات العامة تختلف عن علاقتها بالمحاكم. أما في ما يخصّ مكتب الدفاع، فأكّد رو أمس خلال ندوة في نقابة المحامين في بيروت ما ورد في نظام المحكمة (مرفق بقرار مجلس الأمن 1757) وفي قواعد الإجراءات والادلّة، أنه مستقلّ عن قلم المحكمة، ويتمتّع بصلاحيات موازية لصلاحيات مكتب المدعي العام الدولي تشمل أيضاً التحقيقات الجنائية والاستماع إلى شهود وجمع التحليلات المخبرية إذا لزم الأمر. كذلك لدى مكتب الدفاع مخصّصات مالية لمساعدة وكلاء المتهمين في القضية أو حتى وكلاء الأشخاص الموقوفين أو المتضرّرين بصورة غير قانونية من قرارات قد يتّخذها المدّعي العام الدولي وقاضي الإجراءات التمهيدية.

ندوة مغلقة

قال بعض من حضر الندوة إن رو طلب من نقيب المحامين أن تكون مغلقة، بحيث لا يُسمح للصحافيين حضورها لأسباب بقيت مجهولة، غير أن حشداً من المحامين، من بينهم وزير العدل السابق بهيج طبارة والنائب غسان مخيبر والنقيب السابق عصام كرم وكيل اللواء علي الحاج ووكيل العميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان الوزير السابق ناجي البستاني وأعضاء مجلس النقابة حضروا واستمعوا إلى شرحه المسهب.
«تناول النقاش» بحسب الوكالة الوطنية للإعلام «إجراءات المحاكمة أمام المحكمة الدولية وشروط تأمين حق الدفاع لديها، واختيار المحامين، وسوى ذلك من المواضيع المتصلة أو المتفرعة». ويتوقع، وفق بيان صدر عن النقابة، أن يعقد «في المستقبل القريب اجتماع آخر في نقابة المحامين لشرح تفاصيل الأمور التي تناولها النقاش خلال هذه الندوة».


دولة القانون؟

استجابت الدولة اللبنانية منذ نحو أسبوع لطلب القاضي البلجيكي فرانسين اعتقال لواءين وعميدين
في مؤسسات عسكرية وأمنية لبنانية. غير أن القانون لا يجيز احتجاز الناس لأكثر من 48 ساعة من دون إصدار مذكّرة توقيف بحقّهم أو الادعاء عليهم أو اتهامهم بارتكاب جريمة. كذلك، لا يجيز القانون للدولة احتجاز أشخاص في السجن المركزي بناءً على طلب جهة دولية. لكن من يسأل عن القانون؟