أطال سبيرو في شرح آلية عمل القطعة الميكانيكية التي يجب استبدالها في الـmegane. قال إنّ الـ oxygen censor ينظّم دخول كميّة البنزين إلى المحرّك، ويساعد على ضبط كميّة الأوكسيجين التي تدخل إليه... أي باختصار تنظيم ضغط المحرّك. استمرّ سبيرو في شرحه عن المحرك وضغطه. أحسست بأنّ ضغطي أنا بدأ يرتفع. سرعت حركة الدم في جسمي، وبدأ يضيق نفسي. تماماً كحالة سيارتي.كان يتحدّث، مستخدماً عبارات ميكانيكية لا أفهمها. قاطعته وهو في صلب شرحه. سألته: هل هذا الـcensor يمكن تركيبه للبشر؟
لم يفهم. وأنا أيضاً لم أفهم. اعتذرت وطلبت منه متابعة عمله. ربما أحس بالإهانة. كفّ عن الكلام و«غطس» مجدداً في محرّك الـmegane. لا أعلم لماذا توجّهت إلى سبيرو بهذا السؤال، في الوقت الذي كان فيه منهمكاً بالشرح. بدَوتُ كالأهبل، في هذه اللحظة الوجودية العابرة.
اليوم، بعد أيام قليلة، تعود الفكرة إلى رأسي. لماذا لا يوجد censor خاص بالبشر يقوم بتعديل حياتهم من كل الجوانب؟ censor ميكانيكي، لا علاقة له بالدواء ولا بالأعشاب، يمكن وصله بالجسد البشري ويقوم تلقائياً بتحسين أداء كل الأعضاء الحيوية.
عندها يمكن أن يبقى ضغط دمي مستقراً، فيما سبيرو يتحدّث عن أي قطعة ميكانيكية. وسيبقى وضعه النفسي مستقراً إذا ما سألته مقاطعاً، عن أمر ما لا يمكن لأحد فهمه في لحظة طرحه. وأيضاً ما كان ضغطي ليعود ويرتفع حين يسلّمني سبيرو فاتورة «غطسه» بالسيارة.
لو حصلت البشرية على هذا الجهاز، لاستطعنا الاستماع إلى آل الجميّل وهم يتحدّثون بأصوات ناعمة عن الديموقراطية والحرية، ولأمكننا استيعاب «فكر» التيار الوطني الحرّ ورؤيته الاستراتيجية لماهيّة المشاركة والتغيير، ولفهمنا أيضاً كيف يمكن أن تنسجم العدالة الاجتماعية مع نظام السياحة والخدمات.
حتى ابتكار هذا الجهاز، من الأفضل الاستمرار بتناول الأقراص المهدّئة التي يمكنها، لمدى فعلها وقوّتها، أن تجمع نبيه بري وأحمد الأسعد في جلسة واحدة.

نادر...