حسام كنفانيسياق الاتهامات الكثيرة لحزب الله في الأيام القليلة الماضية يحمل الكثير من الرسائل والأهداف السياسيّة، ذات الأبعاد العابرة لـ«الأمن القومي المصري»، كما يروّج المسؤولون في القاهرة، ومن ورائهم الأبواق الإعلامية، التي تتبارى على كيل الشتائم لحزب الله وأمينة العام السيّد حسن نصر الله.
وبغضّ النظر عن الأبعاد السياسية للتهم المصريّة، يجدر التوقّف عند الحملة الإعلامية و«نجومها» واللغة السوقيّة والشوفينية المستخدمة وأسلوب «الردح»، الذي يتقنه خصوصاً عمرو أديب في برنامجه «القاهرة اليوم». أديب يختار ضيوفه بعناية شديدة، فلا مكان للرأي الآخر في البرنامج، الذي يتحوّل إلى مساحة إعلاميّة للنظام المصري وآرائه السياسيّة، وهواؤه مفتوح لمتّصلي اللون الواحد.
وإذا كانت مقالات «الأهرام» و«الجمهوريّة» و«روز اليوسف» مفهومة، باعتبارها صحفاً ووسائل إعلام حكومية، فإنّ المستغرب هو تحويل بعض البرامج الفضائية إلى منابر لخدمة حسني مبارك عند الضرورة. فكل ما يفعله النظام هو الحقّ بعينه، لا مجال لمناقشة «قرارات الآلهة». وهم يسوقون لذلك تبريرات خارج المنطق.
«مصر ليست الضاحية، وفيها أكثر من سبعين مليون عايزين مين يأكّلهم»، هذه إحدى وصلات عمرو أديب في دفاعه عن الاتهامات لحزب الله وأمينه العام. هو محقّ في أن مصر تحوي ملايين الجائعين بفعل سياسات النظام ورجال أعماله المقرّبين، الذين يتجنّب أديب المسّ بهم في برنامجه، بل يقدّسهم في كثير من الأحيان، حتى إنه انبرى للدفاع عن هشام طلعت مصطفى في قضيّة قتل سوزان تميم، ضارباً بـ«المنع القضائي» عرض الحائط.
أليس الغاز المصري أحد أساليب «تأكيل» المصريين؟ لماذا لم يناقش عمرو أديب، وبعض الكتّاب والمذيعين الذين خرجوا فجأة من تحت الأرض، بيع نظام مبارك الغاز لإسرائيل بدولارين للمتر المكعب، بينما سعره في السوق العالمية 12 دولاراً؟ أليس هذا جزءاً من الأمن القومي المصري؟
بكل الأحوال، فإن هناك صورة ثانية لمصر. ومتابعة المنتديات تظهر أن ثمة أصواتاً مصريّة غير قادرة على قبول التهم المعيبة التي يسوقها النظام والحملة الإعلاميّة الموتورة. قد يكون ما كتبه أحد المشاركين كافياً لاستنكار مقالات كتبة النظام: «دول لو بيفكروا بجزمهم ما يكتبوش الكلام ده».