عمر سعيدما بين «حج مبرور وذنب مغفور» و«الإضراب مشروع مشروع... ضد الفقر وضد الجوع»، تنتشر العبارات المرسومة على الجدران في المدن المصرية كمباركة دينية أو دعوة إلى إضراب عام. لكن، في الآونة الأخيرة، خرج رسم الغرافيتي عن هذا السياق ليحمل شعارات بعض الفرق الموسيقية أو حتى للتعبير عن الهموم والمشاعر الشخصية. كما رعت بعض المراكز الفنية مهرجانات لتنمية هذا النوع من الفن «الوافد».
«يلتقي بعض مشجعي فرق «الراب» و«الهيب هوب» بعد منتصف الليل لتنظيم حملة لرسم الغرافيتي في بعض المناطق، ومثل هذه اللقاءات تُعقد في سرية تامة، فالحكومة تعدّها تخريباً للمال العام». هكذا يصف طالب الفنون الجميلة محمود عيد، فن الغرافيتي في شوارع مصر. يؤدي هذا الواقع إلى انتشار الرسوم في معظم الحالات على جدران الأحياء الراقية بسبب هدوئها، وبُعدها عن التكثيف الأمني، بينما يحول دون رسمها في الأحياء الشعبية، على الرغم من اعتبار الغرافيتي تعبيراً عن تمرد المجتمع ككل.
وعلى الرغم من ملاحقة أجهزة الأمن لهذه الرسوم وإزالتها، فإنّ الشوارع وأسوار المترو لا تفلت من لوحات خفية عن أعين الملاحقين، لسبب ترجعه داليا سعد الدين، إحد رسّامات الغرافيتي، إلى «وجود الغرافيتي منذ عقود في الثقافة المصرية».
إقبال المجتمع المصري على معارض الغرافيتي كان كبيراً، مقارنةً بباقي أنواع الفنون التشكيلية، ليس فقط بسبب طبيعتها الملائمة للمزاج العام، بل لأنّ هذه المعارض لم تُقم داخل المراكز الفنية. تقول سماح الليثي، إحدى منظمات معارض الغرافيتي «إنّ الظروف السياسية والاقتصادية المتردية التي يعيش فيها المجتمع المصري تجعله مستعداً لاستقبال هذا الفن كوسيلة تعبير عما يعيشه من أزمات». وتضيف «إنّ الجهة الوحيدة التي اهتمت بهذا الفن كانت «متحف محمود مختار» التابع لوزارة الثقافة، مما قد يحدّ من مساحة حرية المشاركين. إلا أنّ أجهزة الدولة حتى الآن لم تلتفت إلى هذا الفن باعتباره أداة تمرد وغضب»، إلا أن الليثي تتوقع خلال الفترة المقبلة إقبالاً على الغرافيتي، سيصاحبه حتماً «اتخاذ الدولة إجراءات تضييق». ربما هذا ما دفع القيمين على المتحف المذكور إلى التشديد على أنهم لا يعدّون هذا الفن «نوعاً من التمرد أو التخريب» في كتيّب مهرجان الغرافيتي الأول في 2007.