تورونتو ــ وسام بلوط سنة ١٤٠٠ ق.م. دخل اليهود إلى أول مدينة كنعانية. فبعد أربعين عاماً من الضياع في الصحراء، اهتدوا أخيراً إلى أرض الميعاد، وكانت أريحا هي المدخل.
يذكر التاريخ أن يوشع، قائد بني إسرائيل آنذاك، قد أرسل بجواسيسه إلى المدينة لتقييم حالتها اللوجستية والعسكرية. اختبأ هؤلاء في غرفة مومس أريحية تدعى راحاب، كانت تزودهم بالمعلومات مقابل وعد قطعوه عليها بأن يؤمّنوا الحماية لها ولعائلتها عند سقوط المدينة. دقت ساعة الصفر، وكانت خطة يوشع الإلهية تقضي بأن يطوّق جيش الإسرائيليين المدينة لمدة ستة أيام، تصاحبهم أصوات أبواق الكهنة وهم يطوفون حول أسوارها، ليصرخوا معاً عالياً في اليوم السابع، فترتعد الأسوار وتسقط أرضاً كتفاحة نيوتن.
أما الحقيقة التاريخية، فقد تمثّلت بسماح راحاب لأفراد الكتيبة التي تؤويها بتسلق نافذتها المحاذية لسور المدينة، ونجاح هؤلاء الأفراد في فتح ثغرات تمكّن الجيش الكامن وراء السور من التسلل في اليوم السابع إلى داخل المدينة والفتك بها.
في ١٩٨٢، غزا الجيش الإسرائيلي لبنان وحاصر بيروت لمدة 70 يوماً. محت هذه الواقعة الفارق الزمني بين أريحا وبيروت. فمومس بيروت كانت موجودة، وكانت تنتظر اقتحام حصان طروادة لمدينتها، ينفجر بركان حقد، وتملأ كأس رذالتها بدم شعب يهدر على الطرق.
سافرت الطيور باكراً في تلك السنة، إذ أمطر العدو عاصمة الشرق بقذائف لاهبة. تراءى له أن أسوار الرصاص المقاوم قد تهاوت، فدخل المدينة وراح يفتش عن رايات بيضاء مرفوعة يحرقها، فلم يجد. بعد أيام عدة، حبلت بيروت من دمها، وخرج من رحمها مقاتلون، ليذكر التاريخ بأنه ذات يوم، ومن المحيط إلى الخليج، كانت بيروت تحترق ولم ترفع الرايات البيضاء.