الضنّية ــ عبد الكافي الصمدتحظى الانتخابات النيابيّة في قضاء الضنّية باهتمامٍ خاصّ، حتى يكاد هذا القضاء يخطف نبض المعركة الانتخابيّة يوم الاقتراع نتيجة إقبال المواطنين الكثيف على الإدلاء بأصواتهم. ففي عام 2005، كادت نسبة الاقتراع في الضنّية تكون الأعلى في لبنان، حيث وصلت في بلدة الواطية إلى نحو 78%. لكن هذه النسبة العاليّة لم تكن جديدة في تاريخ الضنّية، فهذا القضاء سجّل أكبر نسبة اقتراع في لبنان في انتخابات عام 1972، عندما وصلت إلى نحو 60%.
ويردّ مدير معهد العلوم الاجتماعيّة ـــــ الفرع الثالث في الجامعة اللبنانيّة الدكتور عاطف عطيّة هذا الإقبال على الاقتراع في القضاء إلى «أنّ نسبة الاقتراع في المناطق الريفيّة عادةً ما تكون أشدّ مما هي عليه في المدن، وذلك بسبب عدم انهماك الريفيين بأعمالهم كما أهل المدن، وهو وضع تاريخي لا علاقة له بالأحداث السياسية الطارئة». ويضيف عطيّة سبباً آخر لهذا الإقبال، فيشير إلى أنّ «الانتخابات هنا تحكمها العصبيات العائلية، إضافة إلى أنّها تتخذ عادة وجهاً دينياً وطائفياً عصبوياً يكون التعبير عنه بهذه الاندفاعة على أقلام الاقتراع».
وتختلف نسبة الاقتراع بين منطقةٍ وأخرى في القضاء. ففيما وصلت إلى 78% في الواطية، تراوحت النسبة في كفربنين بين 75 و77%، فيما تراوحت بين 71 و74% في نمرين. أما في طاران، فكانت بين 65 و71%، وبين 65 و70% في بيت الفقس. وكما تختلف بين المناطق، كذلك تختلف النسبة بحسب المقترعين من الجنسين. ففي بخعون، تراوحت النسبة بين 48% في أقلام الذكور، فيما تخطّت 68% في أقلام النساء، ويعود هذا التفاوت بين أقلام الجنسين إلى هجرة الذكور إلى الخارج طلباً للعمل. أما في بلدة سير الضنّية، فتراوحت النسبة بين 47% في أقلام الذكور و57% في أقلام النساء.
ولا يقتصر الاختلاف في النسب بين الجنسين، حيث يضاف إليه تفاوت بين أقلام الاقتراع ذات الغالبيّة الإسلاميّة والأخرى ذات الغالبيّة المسيحيّة. ففي سير الضنّية، تراوحت نسبة الاقتراع في الأقلام المسيحيّة بين 29% في أقلام الذكور و30% في أقلام النساء، وهو الأمر الذي تكرر في بلدة عاصون، إذ سجلت أقلام الاقتراع الإسلامية بين 62 و66%، بينما تراوحت في الأقلام المسيحية بين 18 و23%. وفي بلدة كفرحبو، كبرى البلدات المسيحية في المنطقة، تراوحت نسبة الاقتراع فيها بين 28 و50%، فيما بلغ الاقتراع في قلم الناخبين المسلمين الوحيد فيها 52%. وفي حقل العزيمة، وهي قرية مسيحيّة، تراوحت النسبة بين 48 و49%، وبين 19 و29% في كرم المهر، وبين 31 و39% في عيمار، والخرنوب 45%، وهي نسب لا تشبه تلك التي تسجّلها أقلام الاقتراع في البلدات الإسلاميّة. ولئن كانت انتخابات 2005 قد أظهرت أن نسبة الإقبال في المناطق ذات الغالبية الإسلامية أكبر مما هي في المناطق ذات الغالبية المسيحية، فإن تفاوتاً ظهر في المناطق الإسلامية أيضاً، إذ ارتفعت نسبة الاقتراع في المناطق الريفية الإسلامية على عكس ما شهدته المدن، وهو ما يبرّر الاختلاف بين مدينة طرابلس والضنيّة، حيث وصلت النسبة في الأولى إلى 43%، فيما تخطّت 55% في الثانية.