لطالما عانى الطلاب الوافدون من الأطراف لمتابعة دراستهم في جامعات بيروت من تكاليف السكن في العاصمة. فكيف بهم مع الغلاء وارتفاع الإيجارات ارتفاعاً جنونياً؟
هاني نعيم
لم يفهم الطالب في الجامعة اللبنانية الأميركية، ح.ح، كيف أنّ الشقّة التي استأجرها مع صديقه في منطقة الحمرا، بالقرب من جامعته، قد ارتفع إيجارها، خلال ثلاثة أشهر، من 500$ إلى 800$.
كان زميلا السكن يدفعان المبلغ مناصفةً، تضاف إليه 100$ كلفة خدمات الصيانة، ليترتب في نهاية الشهر على كل منهما تسديد 300$.
استأجراها منذ حزيران 2007 حتى عطلة الصيف. أما مع بداية العام الجامعي الجديد في أيلول، فقد أراد صاحب الشقّة رفع الإيجار، ما دفع بهما إلى تركها «على أساس إنو أكيد رح نلاقي شقّة بسعر أرخص»، كما يقول ح. الذي سرعان ما أثبت الواقع عدم صحة توقعاته.
لكن الزميلين واصلا البحث إلى أن وجدا شقّة في منطقة الرملة البيضاء، بإيجار شهري قيمته 550$. ولكن، رغم أن «هذه الشقّة أرخص نسبيّاً من الحمرا، إلا إنو أصبح علينا دفع بدل نقليّات للوصول إلى الجامعة، فما تغيّر شي»، كما يقول ح.
بالإضافة إلى ذلك، أراد صاحب الشقّة أن يتقاضى إيجار ثلاثة شهور سلفاً، ما كان سيرتّب على الطالبين تسديد مبلغ 1650$ كل ثلاثة أشهر. النتيجة: «استطعنا البقاء ستة أشهر فقط، لأننا عجزنا عن الدفع بهذه الطريقة»، كما يروي ح. الذي لم يجد أمامه حلاً آخر سوى تغيير جدول محاضراته، وتكثيف حضوره يومين في الأسبوع فقط، يأتي خلالهما صباحاً إلى بيروت ويعود أدراجه إلى زحلة مساءً.
طالب آخر من الجامعة اليسوعيّة، علي الديراني، يعاني من أزمة ارتفاع الإيجارات. فبعد تنقّله بين شقق عدّة، لجأ مضطراً إلى السكن لفترة وجيزة مع أقربائه، حتى اهتدى إلى غرفة في منطقة الجناح، تحوي سريراً وكرسياً فقط بإيجار 350$ في الشهر، وتحاذي مكان عمله الذي يزاوله، إلى جانب الدراسة، بينما يوازي إيجارها 40% مما يتقاضاه من هذا العمل.
يتحدث طالب آخر من الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة عن «غرفة واحدة في شارع السادات في الحمرا، حالتها مزرية جدّاً وغير صحيّة، تأكلها الرطوبة، عدا أنّ مالكها قد أغلق البلكون وحوّله إلى مطبخ وحمّام»، كاد ألا يصدّق أذنيه حين طلب صاحبها نحو 450$ إيجاراً لها كما يروي، مضيفاً بتهكم: «إذا كان حدا بدو يصوّر فيلم رعب، يروح عليها».
أما الطالب في كليّة العلوم الاجتماعيّة في «اللبنانيّة» نضال صافي الذي يعمل بدوام كامل في إحدى المؤسسات، ويقطن في غرفة متواضعة بأحد فنادق الحمرا مع صديقيه، بإيجار حوالى 330$، فقد فكّر بتحسين ظروف سكنه. وبعدما بحث في منطقة الصنايع والوتوات والظريف، «لم أجد سوى بضع شقق معروضة للإيجار، والحد الأدنى لها هو 700$»، كما يقول. ويضيف: «كما أنّ معظم أصحاب الشقق كانوا يطلبون الإيجار سلفاً عن أشهر عدّة، ما نعجز عن تأمينه».
هذه نماذج عن طلاب يعانون من ارتفاع الإيجارات من دون وجود بدائل، وخصوصاً عندما تتحوّل الشقق إلى «كارتيل» تحتكره قاعدة «الربح السريع» من دون خضوعها لأي ضوابط تراعي الأوضاع المعيشيّة للطلاب وحتى الأسر.