في كلية الإعلام والتوثيق، قرر الطلاب بلال وكاتيا وميرا الخروج من دائرة الانتماءات الحزبية بتجسيد عالم مستقل على الورق، فكانت «طلاب». المجلة التي مثّلت مساحة تعبير حرة لكثيرين، وقعت ضحية استقلاليتها، إذ اصطدمت بجدار «منع التوزيع» في بعض فروع الجامعة
سمية علي
«القصة بلّشت بمزحة، بعدين فكرة وبالأخير مجلة»، تقول ميرا أبو هاشم، من أفراد أسرة تحرير «طلاب». النشرة الطالبية المستقلة التي صدر العدد الأوّل منها أخيراً هي الحجر الأساس لحلم ميرا وزملائها في أسرة التحرير، في خلق منبر ثقافي يجمع الطلاب من مختلف الانتماءات الطائفية والسياسية.
تضمّن العدد الأوّل مقابلة مع الإعلامي مالك مكتبي، وأثرته مساهمات عديدة من طلاب كلية الإعلام بفرعيها الأوّل والثاني، إذ وجد إعلاميو المستقبل في المجلة مساحة حرة للتعبير، فكتبوا بحرية وعبروا عما يجول في خواطرهم بالمقالات أو حتى ببعض القصائد.
في ملعب كلية الإعلام والتوثيق (الفرع الأوّل)، وتحديداً بالقرب من أحد الأعلام الحزبية الذي علّق أخيراً، تجلس ريان بغدادي مع أصدقاء لها وهي تتصفح المجلة، تبدي سعادتها بصدورها، مؤكدة أنها ستكتب في العدد المقبل. يشاركها الرأي عدد من طلاب الجامعة الذين، وإن أبدوا بعض الملاحظات على العمل، لكنهم أثنوا على التجربة. تصف مايا عمار، (الفرع الثاني)، «طلاب» بأنها عمل مستقل وغني، كما تشير إلى أهمية التجربة من حيث كونها متنفساً لآراء مختلفة لا تجد من يسمعها في ظل سيطرة الأحزاب السياسية على الجامعات.
أما زميلتها سحر مهنا فتصف التجربة بـ«مهضومة»، لافتة إلى أنها قابلة للتطوّر والنضج مع الوقت.
تشير أسرة التحرير إلى بعض المشاكل التي واجهتها المجلة من حيث عدم تجاوب الطلاب بداية، وذلك «لأنهم لم يصدقوا أننا مستقلون في البداية»، لتوضح كاتيا بيروتي أن إحدى أهم مميزات «طلاب» هي هويتها المستقلة، ومع ذلك، فصفحاتها مفتوحة للآراء كلّها، حتى تلك المسيسة منها.
تنفي أسرة التحرير مواجهة المجلة لأي مصاعب مادية، وذلك بسبب تلقيها الدعم والتمويل من جانب جمعية «نحن».
أما المشكلة الوحيدة التي واجهتهم، فكانت منعهم من توزيع عددها الأول داخل كلية الإعلام ـــــ الفرع الثاني، ما اضطرهم إلى توزيعها في الخارج!
يشرح أحد أفراد أسرة التحرير بأن قرار المنع كان مفاجأة لهم، وخصوصاً أنهم كانوا على تواصل مع الهيئة الطالبية في الفرع الثاني التي منعت التوزيع لاحقاً، يضيف: «لقد أبدى المدير في الفرع الثاني إعجابه بالعمل لكنه قال إنه لا يستطيع تجاوز قرار الهيئة!».
أما ستيفاني عنداري، مسؤولة الهيئة الطلابية، فتعلّل قرار منع توزيع المجلة داخل الكلية بغياب المشاركة والتنسيق بينهم وبين أسرة التحرير التي ينتمي أفرادها إلى الفرع الأول، فهي «لا تسمح بمصادرة قرار الفرع الثاني بهذه الطريقة».
لكن طلاباً عارضوا قرار الهيئة معتبرين أن غياب التنسيق ليس حجة مقنعة «فالسبب هو سياسي بامتياز» كما تقول مايا عمار، مشيرة إلى أهمية وجود مجلة تطرح آراء طلاب من الفرعين الأوّل والثاني وهواجسهم، متسائلة: هل مصادرة الحريات هو ما نتعلمه في كلية الإعلام؟
هذا العائق لن يمنع «طلاب» من الاستمرار، فأسرة التحرير تعمل لإصدار أعداد أخرى، بالإضافة إلى إقامة سلسلة من الندوات الثقافية وعرض أفلام وثائقية تتناول مواضيع عدة تفيد الطلاب أكاديمياً، إلى جانب استضافة عدد من الوجوه الإعلامية البارزة. مع الإشارة إلى أن الاستمرارية لا تتحقق إلا بمزيد من التعاون خارج إطار الانتماءات الضيقة. أما الإجابة عن سبب منع توزيعها فيبقى برسم كل من جعل من الأحزاب الحاكم بأمره في جامعات من المتعارف عليه أنها «لبنانية».


التوزيع في الخارج تلافياً للاستفزاز

يتحدّث بلال عبود (الصورة)، من أسرة «طلاب»، عن الدعم المادي الذي أمّنته جمعية «نحن» للمجلة، حيث تكفّلت بطباعة العدد الأول منها، مشيراً إلى إمكان استمرار التعاون، وإلى احتمال اللجوء إلى جمعيات أخرى لاحقاً. ويضيف «بالنسبة للعدد الثاني، سيكون هناك تغييرات على صعيد كمية المواضيع ونوعية الورق أو حتى التصميم الخارجي». أما بالنسبة لقرار منع التوزيع في الفرع الثاني، فيعلّق «سنستمر بتوزيع «طلاب» في الخارج تلافياً لوقوع أي مشاكل حتى تتراجع الهيئة عن قرارها». أما الرسالة التي وجهها للطلاب في الفرعين الأول والثاني فهي «مزيد من التعاون والحماسة لإنجاح مجلة تحتاج إلى عدد كبير من المساهمات من الأقلام التي تسعى بالدرجة الأولى للتغيير».