أبو ظبي ــ كارولينا المرهنا في أبو ظبي، إذا قررت القيام بجولات بالسّيارة أو على قدميك، فستحتاج إلى كمية كبيرة من السجائر. هنا في أبو ظبي، نشعر نحن اللبنانيين كأننا نزيد التلوّث. هي جزيرة ضيّقة تبعد من اليابسة أقل من 500 متر، تشغل ما يزيد على 80% من مساحة الدولة الاتحادية. لكن، البحر فيها، كما في بيروت، لم يعد يضحك. فأنت في جزيرة لا تجد منفذاً إلى البحر، تدور حولها الطرق السريعة، تتخلّلها فقط جسور الخروج. أغلقوا شاطئ الراحة لمصلحة المجمّع التجاري وفندق الشاطئ، ثم حُجز الرأس الأخضر، وما إن انتهى تطوير الشاطئ الأول، حتى أغلقته مشاريع الريم والريف وصروح البادي والدار وإشراق والهايدر، وافتُتح عوضاً عنهما شاطئ أبو ظبي، بمحاذاة الشارع العام، وهو يفتقر إلى مواقف للسيارات.
كان البحر نافذتنا إلى بيروت أيضاً، وأغلقوه.
يجلس طارق وفادي، وروان، وتيا، على متر مربع واحد، أمام «ربع» البحر. تقول تيا: «ازدحام الأسبوع لا يترك لنا إلا صباح السبت الذي نجتمع فيه على هذه الكذبة». يضيف طارق، وهو شاب طرابلسي «كان منظر البحر متعة للنظر قبل الطفرة المعمارية. كنا نقضي الإجازات بين الكاسر والمدينة الرياضية في السابق، لكن أبو ظبي تنغلق على نفسها اليوم أمام مشاريعها العقارية المجنونة». توافقه روان، وهي تؤكد رفض بعض الفنادق فتح شواطئها: «بدن إدفع حق اشتراك سنوي لإنزل ع البحر!»، «ما كنّا ننزل ع البحر بجونيه ما في مين يقلنا مرحبا!».
وفي شاطئ المدينة، عوضاً عن بحثك عن المرحبا، عليك أن تجد الموقف الأقرب لتركن سيارتك. تكرّ مع الشباب سبحة ذكريات شواطئهم «المحلية»، فشاطئ بيروت هو الجنة «ع أزغر»، وشاطئ صور هو الأسطورة التي لا تتكرر. مزايدات تحاول التمسك، ولو معنوياً، بما بقي من بحر بيروت.