وحده البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة كفيل بتجاوز الدستور اللبناني، وبموجبه أنشئت المحكمة الدولية بقرار صدر عن مجلس الأمن الدولي. غير أن بعض القضاة اللبنانيين رفضوا التنازل كلياً عن اختصاصهم
لاهاي ــ عمر نشابة
لم يطلب القضاء اللبناني استرداد مذكرة التوقيف الغيابية الدولية الصادرة بحقّ المشتبه فيه محمد زهير الصدّيق، حتى بعد رضوخه لرفع اليد عن التحقيق بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكان الاختصاص القضائي في الجريمة قد انتقل في العاشر من الشهر الجاري من القضاء المحلّي إلى المحكمة الدولية في لاهاي.
وبينما يُعتبر ذلك (عدم استرداد المذكرة الدولية) تجاوزاً واضحاً للأصول القانونية الدولية التي تفترض انتقال كامل الاختصاص إلى المحكمة في لاهاي، تمسّكت النيابة العامة التمييزية بموقفها «انطلاقاً من اعتبارات عدلية ومفهوم سيادي» بحسب ما أكّده أحد القضاة اللبنانيين، علماً بأن نزع الاختصاص القضائي عن السلطة القضائية اللبنانية في جريمة وقعت في لبنان واستهدفت رئيساً سابقاً للحكومة أنتج استياءً مبطّناً وتشاؤماً عميقاً في نفوس القضاة. فحُرِم المؤتمَنون على العدل من ممارسة مهامهم الدستورية بحجج عاطفية وسياسية، وتمّ تقديم الهيئات الدولية على المحاكم المحلية، من دون أن تبذل الحكومة خطوات جدية لمعالجة العجز والتجاوزات التي تشوب قصور العدل في لبنان.
المحقق العدلي في جريمة اغتيال الحريري القاضي صقر صقر كان قد استردّ خمس مذكرات توقيف: أربع منها بحقّ اللواءين جميل السيد وعلي الحاج والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان، والخامسة غيابية بحقّ الصدّيق. وبناءً عليه، كان يفترض إما أن يصدر قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة دانيال فرانسين مذكرة توقيف دولية بحقهم أو أن تطلق السلطات اللبنانية سبيلهم فوراً. غير أن قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية القاضي البلجيكي دانيال فرانسين ابتكر خياراً ثالثاً لا ينسجم تماماً مع مبادئ العدالة الدولية وحقوق الإنسان، لكنه ينطلق مما ورد في القاعدة 17 من نظام الإجراءات والأدلّة، إذ أمر في 27 آذار الماضي باحتجاز الضباط الأربعة لحين تمكّنه من اتخاذ قرار بشأنهم (As applicable). ويرجّح، أن تُبتّ القضية خلال الأيام المقبلة.
لكن انطلاقاً من وجوب الاستمرار باحتجاز الضباط الأربعة بقرار دولي ومن دون إصدار مذكرات توقيف محلية أو دولية بحقّهم، وانطلاقاً من أن مشتبهاً فيه خامساً كان طليقاً يوم انتقال الاختصاص القضائي، ارتأت النيابة العامة اللبنانية أن في ذلك خللاً، فانتهزت فرصة كانت قد فاتتها لنحو 4 سنوات لأسباب غامضة، وقرّرت تصحيح الخلل عبر عدم الطلب من الـ«أنتربول» كفّ البحث عن الصديق. فاعتقل أخيراً في دولة الإمارات كما أكّد مسؤولون أمنيون. وعلمت «الأخبار» أن قضاة في المحكمة الخاصة بلبنان ردّوا على خطوة القضاء اللبناني عبر استنكارهم «هذا التصرّف غير القانوني»، وذكّروا بأن الاختصاص محصور بهم «بشكل كامل طبقاً لما ينصّ عليه النظام». لكن ذلك لا يبدو دقيقاً، إذ إن الضباط ما زالوا محتجزين في مؤسسة لبنانية تخضع لقانون تنظيم السجون المحلي نظرياً، ولا يتضمّن ذلك القانون أو غيره من القوانين أي بند يسمح بتجاوز السلطات القضائية اللبنانية.


بلمار لن يطلب التمديد

أكّد مسؤول رفيع في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لـ«الأخبار»، أمس، أن المدعي العام الدولي، الكندي دانيال بلمار، سيلتزم بالمهلة التي منحه إياها قاضي الإجراءات التمهيدية البلجيكي دانيال فرانسين لبتّ مصير قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية السابقين المعتقلين في السجن المركزي برومية. وبالتالي، فإن بلمار لن يطلب تمديد المهلة التي تنتهي يوم 27 نيسان الجاري.