دعاء السبلاني«مرض عقلي سببه الإجهاد يصيب مديري المدارس والعديد من المعلمين فـ«يحترقون نفسياً» قبل أن يتقاعدوا». هذا ما أعلنه الاتحاد الوطني للمعلمين في بريطانيا أخيراً ونشرته صحيفة «غارديان»، وذلك في تحقيق يُسلط الضوء على مطالب الاتحاد وعلى دراسات وإحصاءات تكشف آثار المرض العقلي على المعلمين.
دعم المندوبون في مؤتمر الاتحاد السنوي في كاردف التحركات المطالبة بخفض ساعات عملهم، على أن تحتسب الأوقات المخصصة للاستعداد للدروس ضمن جداول أوقات العمل، وطالبوا كذلك بخفض عدد التلاميذ في الصفوف، على ألّا يزيدوا على 20 تلميذاً في كل صف.
الاتحاد الذي صوّت أخيراً لإطلاق حملة جديدة لحماية حقوق المعلمين، وتقليل ساعات عملهم، قدم أيضاً دليلاً يوثّق تأثير الإجهاد على الصحة العقلية للمعلمين، ويتضمن أرقاماً تكشف أنّ نسبة الانتحار عند المعلمين هي نسبة مرتفعة مقارنةً بباقي المهن. وأشار أعضاء الاتحاد إلى أن نسبة الانتحار تبلغ 14.20 بين كل 100,000 معلّم في إنكلترا وويلز، مقارنةً بـ10.25 لكلّ 100,000 شخص في عامة السكان.
وكانت إحصائيات رسمية لعام 2003 قد كشفت أن واحداً من بين كل ثلاثة معلمين أخذ إجازة مرضية في 2002 نتيجةً لإجهاد متعلّق بالعمل.
وفي سياق الحديث عن حماية حقوق المعلم، أعلن الاتحاد أنه سيعمل الآن للحصول على عقد توظيف وطني يعطي كلّ المعلمين الحقّ في تقليل ساعات العمل، وذلك لكي يخففوا من الضغط في حياتهم العملية. الاتحاد هدّد بالإضراب إذا لم تنفَّذ مطالبه. المثال البريطاني يلفت إلى صعوبة حياة المعلمين في لبنان، فهم يتقاضون رواتب منخفضة ولم يحصلوا على نسبة كبيرة من الحقوق التي يتمتع بها معلمو المدارس في دول أخرى.
أعلن جون إلينجورث، مدير مدرسة أساسية سابق من نوتينغهام أنّ «الكآبة والقلق والاحتراق النفسي أصبحت أمراض المعلّم، رغم أنها تكون مخفية في أغلب الأحيان».
يصاب المعلمون بحالة من الإرهاق الشديد نتيجة الضغوط التي يتعرضون لها خارج الصفوف، أي بسبب الممارسات الإدارية الضاغطة، وداخل الصفوف بسبب ساعات العمل الطويلة، حيث يقضي المعلم طوال نهاره متنقلاً من صف إلى آخر من دون استراحة، أو مع فترة استراحة قصيرة. كذلك فإن الأعداد الكبيرة للتلاميذ داخل الصفوف هي سبب آخر لإرهاق المعلمين وتوترهم، إذ يصعب أن يسيطروا على هدوء الصف، ويضطرون أحياناً إلى إعادة الشرح عدة مرات بسبب الفوضى بين الطلاب. الممارسات الإدارية الضاغطة كثيرة، وتؤدي هذه الضغوط إلى الإصابة بأمراض نفسية عند المعلم، مثل الاحتراق النفسي الذي يكون ردة فعل على الشعور بالجهد والكآبة وعدم الاستقرار، ما يؤثر سلباً على عمله ويُشعره بالفشل.
قامت مجموعة من ممثلي مؤتمر «NUT» بالبحث عن تأثيرات المرض العقلي على ممارسة مهنة التعليم، وذلك بعد أن سلّط إلينجورث الضوء على القضية عام 2006. وتضمّنت نتائج بحثهم دراسة بيّنت أنّ مهنة التعليم هي الأكثر إرهاقاً في المملكة المتحدة، وأشارت إلى أن 41.5% من المعلمين وصفوا أنفسهم بـ«المرهَقين إلى حدٍّ كبير».
ولفتت الدراسة أيضاً إلى أنّ المعلمين يعانون من ضغوط لتحسين نتائج امتحاناتهم في جداول السباق السنوية، ولدى مكتب الرقابة على التعليم الذي يضع ضغوطاً لا تُطاق على المعلمين أثناء عمليات التفتيش.