ديما شريفلطيف رئيس حكومتنا فؤاد السنيورة. طبّق عبارة «النزول إلى الشارع» بحرفيّتها. فلم يخف من التخلّي عن «بريستيجه» والتضحية بحياته وتعريض أمنه الشخصي للخطر الداهم. فترك مركز عمله، ألاسكا، وتوّجه إلى شوارع صيدا وقابل الناس «العاديين» وخاطبهم ولوّح لهم، كما يفعل المرشحون إلى الانتخابات في دول مثالنا الأعلى، الرجل الأبيض.
عفواً. هو في ما فعله لم يكن رئيس حكومة، بل كان مثله مثل المئات الآخرين، مجرد مرشح إلى الانتخابات النيابية. لكن، مع إضافات نوعية، مثل إغلاق الشوارع والأحياء بوجه السيارات ليتسنى له «التعرف على مشاكل الناس وهمومهم». فرئيس مجلس النواب نبيه بري ليس أفضل منه وهو يمضي من بلدة جنوبية إلى أخرى يفتتح مدارس، في منتصف العام الدراسي. تخيلوا أنّ هؤلاء هم سياسيّونا الأغراء ومن لهم باع طويل في العمل العام، أي يفترض أنّهم يعرفون من أين تؤكل الكتف. هل يتخيلون أنّهم إذا افتتحوا مدرسة ستنهال الأصوات عليهم من كلّ حدب وصوب؟ أو أنّهم إذا تنازلوا وصافحوا «الشعب المعترّ» سيتوّجون ملوكاً على قلوب الناس؟
يسعى سياسيونا الأشاوس إلى كسب قلوب الناخبين وهم يعرفون مسبقاً أنّ هذه الحركات لا تنفع. فما ينفع هو كسب جيوب الناس وتحريك غرائزهم، وهذا ما يبرعون فيه. ثم بعد صدور النتائج يتحالفون ويفرغون الجيوب بانتظار مرور السنوات الأربع المملّة لإعادة الكرة من جديد. الآن عرفت لماذا أحبّ الأنظمة الديكتاتورية.