توقف نزف الدم بين الجيش والطفار في البقاع الشمالي. ورغم ألم خسارة الجيش أربعة من عسكرييه، فإن بعض الأهالي يرفعون الصوت متحدّثين عن إهانات وانتهاكات أثناء محاولة القوى العسكرية توقيف مشتبه فيهم بقتل جنوده
البقاع ــ رامح حمية
لا يبدو أن المواجهة بين العسكر والطفار ستُنسى بين يوم وليلة. هكذا، وما إن تراجعت الإجراءات الأمنية المفروضة حول بلدة دار الواسعة وحي الشراونة في مدينة بعلبك منذ قتل 4 عسكريين وجرح ضابط يوم 13 نيسان الجاري، حتى ذاب ثلج المعركة وبان مرج «التجاوزات» التي يتهم الأهالي الجيش بارتكابها أثناء مداهماته، بدءاً من «تكسير محتويات المنازل وتخريبها وسرقة أموال منها ومصادرة سيارات شرعية». يؤكد أصحاب المنازل المتضررة هذه الخروقات مصرّين على تقديم دعاوى بحق مرتكبيها.
حسين زعيتر، الذي يقطن في بلدة حوش بردى، تعرض منزله لمداهمة من عناصر فوج المغاوير، أكد احترامه للمؤسسة العسكرية، إلا أنه عبّر عن استيائه العارم من الطريقة التي أقدموا بها على انتهاك حرمة منزله وإطلاق النار باتجاههم دون أي مبرر، وحتى إقدامهم على تكسير العديد من الأغراض التي ليس لها علاقة بالمطلوبين من صور وزجاجيات. وأوضح زعيتر أنه وأولاده «ليسوا مطلوبين للعدالة وأبرز دليل أنهم أخذوا ولديّ وائل وحسن وأحد أقاربنا، وأطلقوا سراحهم لاحقاً، ولم يجدوا قشة في البيت، فلم إطلاق النار الذي أصاب منزلنا ومنزل جارنا؟». وروى زعيتر أنه سمع وهو في المنزل رشقات رشاشة، وما إن همّ بالخروج حتى فوجئ بأكثر من 200 عسكري في الخارج يأمرونه بالدخول، «فوت لجوا». ودخلوا من بعدها وكسروا أغراض المنزل «بطريقة غير مبرّرة وهمجية». وسأل: «لماذا أخذوا السيارتين من أمام المنزل علماً بأنني أبرزت لهم الأوراق الرسمية التي تثبت شرعيتهما وحتى ميكانيك 2009؟».
يمنى زعيتر بدورها سألت: «ليش بدهم يخلعوا الباب ويحطوا الرشاش بوجهي»؟ موضحة أنها قالت لأحد العناصر: «ما تكسروا.. بفتحلك الباب، إلا أنه أصر على لبطه وخلعه». وأكدت أنها فقدت من حقيبة يدها في خزانة غرفة النوم مبلغ ألف دولار أميركي وخمسين ألف ليرة لبناني». وأشارت إلى أنها ذهبت لتقديم دعوى في أبلح إلا أنهم قالوا لها «يجب أن تذهبي إلى المتحف، ومن الممكن أن يكون الجيران أخذوا المبلغ».
بدوره جار حسين زعيتر مارون ياغي أكد إصراره على تقديم دعوى بحق المؤسسة العسكرية التي أصابت منزله برصاصتين، إحداهما في زجاج المنزل والأخرى في الجدار الخارجي، قائلاً: «شو نحنا بدولة عصابات؟ كيف يدخلون بهذه الطريقة؟ شو ما في حرمة للمنازل؟ ليش ما طلبوا منا.. وقت اللي منرفض يعملوا اللي بدهم إياه».
خروقات مداهمات الجيش لم تنته في بلدة حوش بردى بل امتدت إلى دار الواسعة حيث قالت النسوة هناك إن «الأسلوب الذي قام به الجيش بتلك المداهمات جعل الغرض من ذلك لا يبدو أمنياً بقصد التفتيش عن «طفار»، بل لمجرد الانتقام»، تقول فاطمة جعفر، وتكمل: «شو المبرر حتى أقدم أحد العسكريين على نزع الحجاب عن رأس الفتاة أ. ج؟ شو مخباية تحتو مطلوب؟». ثم تضيف بمرارة: «نحنا مش قد الدولة بس ليش كلنا عم يعاقبونا؟ عقاب جماعي يعني؟ شو الدولة متل العشيرة؟ شو ذنب الأولاد والنسوان؟». وقد أكدت الفتاة أ. ج. رواية السيدة أعلاه، وقالت إنها كانت ذاهبة للاطمئنان على إخوتها الذين اعتقلهم الجيش بعدما أطلق عليهم النار وأصيبوا ببعض الشظايا بينما كانوا قرب مشحرة الحطب داخل البلدة. سباهية جعفر روت بدورها أن منزلها (محمد جهجاه جعفر) تعرض لمداهمتين ولتخريب كبير، طال المنزل والسيارة الشرعية المتوقفة أمام المنزل. وأكدت أن العسكريين الذين دخلوا إلى المنزل عملوا على تكسير محتوياته لا التفتيش فيها، «وعندما قلت لأحدهم: شو ما بتعرف الله ليش عم تكسّر هيك؟ قال لي: ليش إنتو بتعرفوا الله! عندها صرخ به الضابط قائلاً له: ارجع يا «فلان» وشتمه. عندها خرج، وطمأنني الضابط ووقف عند باب المنزل طالباً مني البقاء بداخله». جعفر أكدت أيضاً أن بعض العناصر كسروا حتى «قجة الصبي وصندوق الصدقة وأخذوا ما بداخلهما».
وفي اتصال مع «الأخبار» أكد مسؤول مأذون له بالتصريح في الجيش أن المؤسسة العسكرية كانت في البقاع تنفذ مهمة لحفظ الأمن، مؤكداً أن «الجيش الوطني ليس في حالة عداء مع أحد، وإنما كل ما كان يفعله هو مطاردة بعض الخارجين عن القانون». وبالنسبة لما قيل من شكاوى رأى المسؤول أن «على كل من لديه أي وضع أو إشارة إلى أية تجاوزات، أن يحضر إثباته ويتقدم بشكوى أمام القضاء الذي يتمتع بصلاحية بت هذه الأمور»، نافياً أن يكون الجيش قد اقترف أياً من هذه الأفعال، معتبراً أن «الجيش ليس بعشيرة».