حسام كنفانيلا شكّ في أن الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، ومن لف لفّه من الزعماء المؤمنين بخيار «التسويّة أولاً»، يرقصون طرباً لكلام باراك أوباما عن «عمليّة السلام» و«حلّ الدولتين» و«مبادرات حسن النيّة» في الشرق الأوسط. كلام أوباما بالنسبة إلى هؤلاء هو قشّة إنقاذ «استراتيجية العرب الوحيدة والموحّدة» في مواجهات المتغيّرات في المنطقة والعالم، من حكم إسرائيل إلى دور إيران، وأخيراً أسلوب الإدارة الأميركية الجديد، الذي لا يعجب معسكر «المعتدلين». ورغم ذلك لا تغييرات في الموقف العربي من القضيّة المركزيّة.
هم الآن يرقصون حول نار التسوية الخامدة. ينتظرون من يشعلها. لا مبادرات جديدة في جعبهم ولا خيارات بديلة، فباب «الوحي» أقفل مع المبادرة العربية التي يتمسك بها هؤلاء وكأنها كتاب مقدّس لا مسار موازياً لما يتضمنه.
وجاء أوباما وكلامه عن المبادرة ودعواته لرموز التسوية لحج البيت الأبيض، ليشعل حلبة الرقص بعد انكفاء الأضواء عنها خلال السنة الماضية. لكن الرقصة لا تزال منفردة. الحكومة الإسرائيلية ليست في وارد الدخول في مفاوضات جديدة، وغير مستعدة للتراجع قيد أنملة عما أعلنه صقورها، على عكس الزعماء العرب، الذين يصح فيهم قول «كلام الليل يمحوه النهار». فمحمود عباس كان قد رفع مجموعة شروط لمحاورة بنيامين نتنياهو، لكنه ما لبث أن هاتفه لـ«المعايدة» بالفصح، وهو لا شك بانتظار دعوة للهرولة إلى طاولة اجتماع جديد. والمسؤولون المصريون ملأوا الساحات الإعلامية عن مقاطعة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، لكن ما لبث مدير الاستخبارات عمر سليمان أن التقاه وسلمه دعوة لزيارة مصر.
راقصو التسوية ماضون في استراتيجيتهم. ويبدو أنهم حجزوا مقعد المتفرجين لما يروّج عن مواجهة أميركية ـــــ إسرائيلية مرتقبة على خلفية العملية السلمية، بدل الدخول إلى أرض الملعب باستراتيجية مختلفة تعطيهم دوراً أساسيّاً في خطط أوباما الشرق أوسطية.
هم صدقوا الطعم وابتلعوه، وتجهزوا بكامل أسلحتهم السلميّة بانتظار جلاء غبار «المواجهة» وقدوم «لحظة الحقيقة»، التي لن تأتي. فـ«الانحياز الأميركي لإسرائيل أكبر من تأثير أي رئيس أميركي»، هكذا قال مروان البرغوثي، ومن الأفضل تصديقه.