كنوع من الاختبارات التطبيقيّة، أجرى طلاب الدراسات العليا في جامعة الحكمة وجامعة باريس11 الفرنسيّة مفاوضات ساخنة بشأن مسائل بيئيّة
هاني نعيم
على مدى ثلاثة أيام، قاد طلاب الدراسات العليا في اختصاص الدبلوماسيّة والمفاوضات الاستراتيجيّة في جامعة الحكمة مفاوضات جادة مع أقرانهم من جامعة باريس 11، بدعوة من الاتحاد الأوروبي، وبحضور ممثلين عن المنظمات الدوليّة والجمعيات غير الحكوميّة في لبنان. ورغم أن الموضوع كان بيئياً إلا أن الكثير من البنود كانت محطّ خلاف بين الأطراف، ما أدّى إلى انسحاب وفود من الاجتماعات لأسباب سياسيّة حيناً، واستراتيجيّة أحياناً.
شارك في المؤتمر التدريبي 75 طالباً، بينهم 30 لبنانياً و45 من فرنسا موزّعين على 30 جنسيّة، توزعوا منذ شهرين على مجموعات صغيرة. اختار كل طالبين أو ثلاثة دولة درسوا نظامها السياسي والاقتصادي والثقافي، قبل أن يضعوا بحثاً عن مواقفها واستراتيجيّاتها في مسائل بيئيّة محددة، حتى يستطيعوا تمثيلها واقعياً في المؤتمر «الافتراضي». وعليه، كتب أفراد المجموعات بنوداً ومواد قانونيّة ناقشوها في المؤتمر، باعتبارها بنود اتفاقية بيئية دوليّة.
ناقش الطلاب الآتون من خلفيّات أكاديميّة متنوّعة نحو 270 مادّة. كانوا كأي مفاوضين آخرين. صارمين، حازمين، براغماتيين، ومدافعين بشراسة عن مصالح «دولهم»، ومتقنين العمل الدبلوماسي بكل تفاصيله: من طريقة الجلوس واللياقات إلى الانسحاب من الجلسات عند الشعور بالإهانة.
قدّم هؤلاء الكثير من المشاريع البيئيّة، مثلاً اقترح الطالب اللبناني الذي يدرس في جامعة باريس 11 نضال شقير (ممثل دولة قطر في المؤتمر) تحويل مدينة الخور القطريّة إلى مدينة بيئية نموذجيّة مع إنشاء مركز دولي للأبحاث وتطوير الطاقة المتجددة، «بما أن النفط سينضب شئنا أم أبينا» كما قال.
وعن ساعات التفاوض الطويلة يشرح «كنت أمثّل أمير قطر ومصالح قطر. أنا مفاوض صعب، ومصالح الدولة خط أحمر».
أما الناشطة في حركة السلام الدائم والطالبة صونيا نكد (من المجتمع المدني) فتقول عن تجربتها: «كنا نلفت نظر الدول إلى بنود قد تضر بمصلحتها، ما منحنا مصداقيّة أكبر لطرح مشاريع تناسب مختلف الأطراف». وتوضح: «سأنقل الخبرة التي اكتسبتها للجمعية التي أعمل فيها، لا سيما منها القدرة على الوساطة بين المتنازعين».
من جهة أخرى، اعتبر طبيب الأشعة جورج روحانا (ممثل بلجيكا) أن مشاركته أضافت إليه الكثير، وخصوصاً أن مثلث (المستشفى ــــ الطبيب ــــ المريض) قد تعترضه نزاعات أيضاً، «ومن هنا حاجتي لهذه التجربة» كما قال، ليضيف «لم أفكر باستفزاز أحد. بلجيكا هي عاصمة أوروبا، ودورها جامع للأوروبيين والمتوسطيين». ويهمس «كوني أكبر الطلاب سنّاً استطعت إلى حد بعيد أن أكون أكثر احترافاً منهم». أما الطالبة الفرنسيّة من أفريقيا جيسيكا كوفي فقد لاحظت أنه «رغم الفروقات بين الشمال والجنوب، رأيت أن المشاكل البيئيّة وحلولها متقاربة ما بينهما، وخصوصاً بالنسبة لدول بحر المتوسط».