كانت غزّة، أمس، عنوان لقاء في الجامعة الأميركية، تحدّث فيه الإعلاميان غسان بن جدو ونزيه الأحدب، وتخلّل اللقاء اتصال مباشر مع طالبة من الجامعة موجودة في القطاع
ديما شريف
«إلي الشرف كون موجودة هون»، بهذه العبارة رحبت الطالبة في الجامعة الأميركية في بيروت، ناتالي أبو شقرا، عبر الهاتف من قطاع غزة بالحضور في ندوة «هذا ما رأيت في غزة» التي نظمها «نادي المقاصد» و«التحرك الطلابي من أجل غزة» في الجامعة.
تحدثت ناتالي عن عملها في غزة منذ كانون الأول الماضي، قبل العدوان على القطاع، في مناصرة الفلاحين ومساندتهم ومرافقتهم يومياً إلى أرضهم والدفاع عنها في وجه محاولة جنود الاحتلال منعهم من حرثها عبر إطلاق النار عليهم. وقالت ناتالي إنّ المحرقة لم تنته في غزة. أضافت أنّ قضية فلسطين تتخطى القوميات. وقالت إنّها شعرت بمعنى الاحتلال خلال إقامتها في غزة. كذلك، شعرت بمعنى الإمبريالية الغربية وتفوّق الرجل الأبيض. وشبهت غزة بمعسكر اعتقال نازي كبير. ورأت أنّ نظام الفصل العنصري لم ينته ويطبق في فلسطين بأسلوب آخر.
خاطب الصحافي غسان بن جدو ناتالي، قائلاً إنّه سعيد بسماع أصوات مَن في غزة. أضاف أنّ من المؤلم أن يضطر الإنسان إلى الاختفاء في غزة، كما فعل هو. ووعد الطلاب في الجامعة بحلقة تجمع بينهم وبين زملائهم في غزة مباشرة.
قبل الاتصال مع غزة، عرض فيلم قصير صوّرته ناتالي في أحد الحقول الزراعية في القطاع، رافقه اعتداء بالرصاص من جنود الاحتلال على المتطوعين بهدف طردهم.
وكان بن جدو قد عرض زيارته لغزة والدمار الذي شاهده. وأثنى على طريقة تعاطي المقاومة الفلسطينية مع الإعلام، إذ لم تمارس المقاومة الحرب النفسية أو التضليل، وشبهها في ذلك بالمقاومة في لبنان إبان حرب تموز 2006.
من جهته، قال الأحدب إنّه لم يُفاجأ بحجم الدمار «ربما لأنّني لبناني، وتعودت الدمار الذي تلحقه بنا إسرائيل». وشدد على أنّ المشكلة الأساسية لغزّة هي الحصار. وأبدى إعجابه باستتباب الأمن في القطاع الذي لا يعاني مشاكل أمنية داخلية، وأصبح اليوم من هول الدمار الذي أصابه أشبه بملعب كرة قدم كبير.
وتبع الاتصال مع غزة نقاش. فسأل الحضور عن كيفية البقاء على الحياد في الصراع الدائر بين حماس وفتح، أو بين الخير والشر، ولماذا توقفت القنوات التلفزيونية عن عرض ما يجري في غزة، وخصوصاً أنّ إسرائيل لم توقف عدوانها حتى اليوم. وقد طرح موضوع صدقية المقاومة في الأرقام التي نشرتها عن إصابات العدو في ظل التناقض بين أرقامها وأرقام الجيش الإسرائيلي. وسأل أحد الحضور عن سبب عرض صور القتلى والجثث، وإن كان ذلك يؤدي إلى وصول المشاهد إلى عدم خشية الموت، فيما سأل آخر عن نسيان فلسطين اليوم والتركيز على غزة فقط.
واعترف بن جدو بوجود حالة من التقصير لدى الإعلام العربي، لكنّه شدد على أهمية عرض صور القتلى والجثث كي «لا نكون نخفي الحقائق ونقدم هدية مجانية للقاتل». وقال إنّه عندما وصل إلى غزة سجد وقبّل الأرض وعاد من القطاع ومعه تراب فلسطيني، لكن لم يبق منه شيء بعد عبوره حاجز التفتيش المصري في طريق العودة.