منذ أكثر من عام يتحدث الخبراء عن مخاوفهم من تطور فيروس إنفلونزا الطيور، أو ظهور فيروس أخطر. في الأيام الأخيرة تعيش بلدان عدة حالة من الهلع، «إنفلونزا الخنازير» فيروس بدأ انتشاره في المكسيك ودول أخرى، منظمة الصحة العالمية دقت ناقوس الخطر، وحالة الطوارئ أُعلنت في غير دولة

غادة دندش
دقّت منظّمة الصحّة العالمية ناقوس الخطر، بعدما توفي 103 أشخاص في المكسيك حسب آخر الإحصاءات جراء إصابتهم بإنفلوانزا الخنازير. وكان وزير الصحّة المكسيكي قد أعلن هذه الأرقام الأحد الماضي، وأضاف أن 1324 مريضاً هم في الوقت الحاضر قيد المراقبة الطبّية. فقد ارتفع هذا العدد مساء امس الأحد إلى 1614 مريضاً. أمام هذه الحقائق والحالات المشتبه فيها في الولايات المتحدة، والتي بلغت وفق آخر إحصاء عشرين مصاباً، أعلنت منظّمة الصحّة العالمية تأليف لجنة طوارئ. وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول في 25 الشهر الجاري. بعد دراسة المعطيات والمعلومات المتوافرة، أعلن أعضاء اللجنة حاجتهم إلى التدقيق في مجموعة كبيرة من الثغرات. هذه الثغرات تتعلّق بتحديد قابلية الفيروس للانتشار والإجراءات الوقائية المتّبعة حتى الآن وغيرها من العناصر. لكن اللجنة أكّدت أن الحالة التي نواجهها تمثّل حالة صحيّة طارئة على المستوى العالمي. بالاعتماد على قرار اللجنة والقوانين المعتمدة في مثل هذه الحالات طلب المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية، من جميع الدول تكثيف مراقبة حالات الإنفلوانزا والبنومونيا لديها. وفي تطوّر لاحق وصل فريق من الخبراء الأميركيين أول من أمس إلى المكسيك بناءً على طلب الحكومة المكسيكية. سيعمل هذا الفريق بالتعاون مع السلطات الطبّية المحلية على احتواء انتشار وباء إنفلوانزا الخنازير داخل البلاد. كما عقدت وزيرة ا لصحّة الفرنسية مؤتمراً صحافياً أول من أمس، أعلنت خلاله أنها ستتابع يومياً عقد مثل هذا المؤتمر حتى نهاية الأزمة. وأكّدت روزالين باشلو «نحن نواجه ظاهرة قد تتحوّل في أية لحظة إلى وباء عالمي. هذا الفيروس المتجدّد قد طوّر نفسه وأصبح قابلاً للانتقال بين البشر». أضافت باشلو «لا نستطيع أن نجزم الآن بأن الفيروس وبائي لكنّنا على اتصال بمنظّمة الصحّة العالمية لمتابعة التطوّرات». وكان المدير العام للصحّة في فرنسا قد أعلن بعد ظهر الأحد أن هناك شكوكاً لم تتأكّد بعد عن إصابة أربعة أشخاص اثنان منهم عادا من المكسيك إلى فرنسا بإنفلوانزا الخنازير. مثل هذه الحالات قد تتكرّر في الأيام المقبلة وليس فقط في فرنسا. لكن وزيرة الصحّة الفرنسية عادت وأعلنت صباح أمس، أن هذه الحالات مجرّد إنفلوانزا عادية لكّنها حذّرت من خفض حالة الحذر. من جهة أخرى، أُحصيت ستّ إصابات مؤكّدة في كندا وعدد من الحالات الأخرى في نيوزيلاندا وأوستراليا وبلدان أخرى. كما أعلن البنك الدولي على لسان رئيسه الاثنين تقديم قرض بقيمة 25 مليون دولار للمكسيك للتصدي لفيروس إنفلوانزا الخنازير. إنفلوانزا الخنزير مرض يصيب الجهاز التنفسي لدى الخنازير وهو من نوع «أ». قدرته على الانتشار سريعة، وقد تنتقل إلى البشر، لا سيّما بين الأشخاص الذي هم على احتكاك بالخنازير. سبق وجود حالات انتقال العدوى بين البشر أي من شخص إلى آخر. فيروس إنفلوانزا الخنازير قابل للتحوّل وتطوير نفسه. ليس هناك في الوقت الحاضر لقاح لهذا الفيروس في مرحلته الحالية، لأن اللقاح المتوافر حالياً يطابق الفيروس في تركيبته السابقة. إلا أن ذلك لا ينفي وجود بعض الأدوية لمعالجة المصابين. بالإمكان إنتاج لقاح جديد بمجرد تحديد نوع الفيروس، لكن هذا الأمر يتطلّب بعض الوقت كما أعلنت منظّمة الصحّة العالمية السبت الماضي.



إن إطلاق ناقوس الخطر سببه، كما أوضحت منظّمة الصحّة العالمية، الانتشار الجغرافي الواسع لحالات الإصابة والفئة العمرية «غير العادية» للمصابين. أضف إلى ذلك أن هذا الفيروس يجمع بين حدّة الحالة المرضية مثل فيروس إنفلوانزا الطيور وقابلية الانتقال مثل الإنفلوانزا البشرية أي عبر الهواء. وبما أن جهاز المناعة البشري يجهل هذا الفيروس الجديد، تصبح إمكانية انتشاره على نطاق واسع وبسرعة واردة جدّاً. عوارض إنفلوانزا الخنازير لا تختلف عن تلك التي تصيب المريض في حالات الإنفلوانزا الأخرى. أهمّ هذه العوارض ارتفاع درجة الحرارة إلى ما فوق 38 درجة مئوية، والتقلّصات العضلية والسعال أو ضيق النفس أو الاثنان معاً. قد تستمرّ هذه العوارض طوال سبعة أيام وقد تتفاقم. في لبنان أعلنت وزارة الصحّة العامة أن الدواء الذي يُستعمل لعلاج هذه الحالات التاميفلو موجود حالياً في مستودعات الوزارة. وقد سبق للوزارة أن قامت بدورات تدريبية على خطط الجهوزية لمواجهة الطوارئ الصحية والأوبئة، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. وقد خضعت معظم المستشفيات وشبكة مراكز الرعاية الصحية الأولية لهذا التدريب. وتتابع وزارة الصحة التدابير اللازمة للمراقبة والاحتواء عبر كل مرافق الدولة من مطارات ومرافئ ومعابر. ويجري من جهة أخرى التعاون مع وزارة الزراعة لمراقبة الثروة الحيوانية، لا سيما مزارع الخنازير واتخاذ التدابير اللازمة.