زار، أمس، طلاب كليّة السياحة وإدارة الفنادق في الجامعة اللبنانية، افتراضياً، كلاً من إسبانيا والمكسيك عبر مشاهدة الرقصات والأزياء التي تعكس حضارة البلدين خلال اليوم الإسباني ــ المكسيكي. كانت المناسبة تحية لبنانية لإسبانيا التي تقدم سنوياً عدداً من المنح الدراسية لطلاب الكلية
سمية علي
لدى دخولك أمس إلى كلية السياحة وإدارة الفنادق في الجامعة اللبنانية كنت تخال نفسك في رحلة خارج البلاد. إذ ارتدى الطلاب أزياء غريبة ورقصوا على أنغام موسيقى غربية وانضموا إلى أساتذتهم لإحياء اليوم المكسيكي ـــــ الإسباني.
يقف الطالب حسن مقشر مرتدياً الزي الإسباني في ملعب الكلية، تقترب صديقته فيحييها بالإسبانية ثم يبدأ بالحديث عن هذا اليوم الذي يصفه بالمميز لأنّه «اليوم الذي يتعرف فيه الطلاب عن كثب على الحضارة الإسبانية». يسعى حسن للتفوق على صعيد تعلم اللغة الإسبانية من أجل الحصول على منحة دراسية تؤهله لإكمال دراساته العليا في إسبانيا، البلد الذي يحبه كثيراً.
في مكان آخر، تقف مجموعة من الفتيات اللواتي يرتدين أزياء غجرية تمثل الفولكلور الإسباني. تحاول إحداهن التدرب على بعض الحركات الراقصة التي ستؤديها. تلفت انتباه صديقها فيقول لها ممازحاً «شو يعني طالعة حلوي بالإسباني». تضحك الفتاة، ثم تتجه مع أصدقائها إلى المنصة، فقد بدأت مراسم الاحتفال. بدايةً، استمع الطلاب إلى الكلمات التي ألقاها كل من السفيرين الإسباني والمكسيكي اللذين شكرا إدارة الكلية على الدعوة، وأكدا استمرارية التعاون مع الجامعة اللبنانية من خلال تقديم مزيد من المنح الدراسية للطلاب. بعدها شارك السفيران الطلاب في الاستماع إلى بعض الأغاني الإسبانية التقليدية. وكان من اللافت مراقصة أحد مرافقي السفير المكسيكي إحدى الطالبات، ما أضفى جواً من الحماسة بين الحاضرين الذين ردّدوا بصوت مرتفع ما يسمعونه من أغان. بعدها أفسح الطلاب المجال لفرقة «بايلندو غروب» التي أدت لوحات راقصة أمتعت الحاضرين فصفقوا بحرارة، مبدين إعجابهم بالفرقة.
قرب المنصة تقف منظمة اليوم الإسباني ـــــ المكسيكي، كاتيا بارودي، تشاهد بفرح مدى تفاعل الطلاب مع النشاط الذي تعتبره تحية من قبلهم إلى السفارة الإسبانية التي تقدم سنوياً نحو 14 منحة، موزعة ما بين دورات لتعليم اللغة الإسبانية ومنح دراسية في مجال السياحة وإدارة الفنادق. «يجب على الطالب أن يكون متفوقاً في دراسته للحصول على منحة»، توضح البارودي، مشيرة إلى احتمال زيادة عدد المنح في السنوات المقبلة وإلى محاولة التعاون مع السفارة المكسيكية على هذا الصعيد.
ساندرا فريحة هي إحدى الطالبات اللواتي حصلن على منحة لإجراء دورة مكثفة في اللغة الإسبانية، تصف التجربة بالمميزة، فإلى جانب إتقان اللغة الإسبانية التي باتت اللغة الثانية عالمياً، تعرفت على ثقافة جديدة وأصدقاء من جنسيات مختلفة. تبتسم وهي تخبر أنّه أثناء التنزه في أحد الأحياء الإسبانية شاركت أحد المغنّين الجوالين الغناء، ما جعلها تشعر بنوع من الانتماء إلى البلد الذي تتمنى زيارته مجدداً.
لكن، بالرغم من تفوق الطلاب في الخارج، فإنّ سوق العمل اللبنانية لم تشرّع لهم أبوابها، وحالة الطالبة هبة الحسنية هي أسطع مثال على ذلك. فهبة، التي قضت سنة في إسبانيا انتهت بتكوينها عدداً كبيراً من الأصدقاء الذين تتمنى رؤيتهم مجدداً، وبحصولها على شهادة في الدراسات العليا في الإرشاد السياحي.
لم تحصل، بعد عودتها من إسبانيا، على فرصة عمل في لبنان، تعمل هبة اليوم في المعهد الثقافي الإسباني أي بعيداً عن مجال تخصصها، وتعتبر أنّ الأولوية في وزارة السياحة هي «لمن له واسطة»، متسائلة «ألا يوجد مكان للطالب المتفوق في لبنان؟».


أحلى شي صار بحياتي

تتحدث جوي غنيمة (الصورة) بشغف عن السنة التي أمضتها في إسبانيا بعدما حصلت على منحة تمكّنها من متابعة التخصص في إدارة الفنادق. تقول إنّ التجربة أضافت الكثير إلى شخصيتها، «فالتعرف على أشخاص من جنسيات مختلفة رسّخ في داخلي تقبل الآخر المختلف عني والتعامل معه كإنسان، إذ كنت أقابل أشخاصاً يحملون تقاليد وعادات مختلفة، ومع ذلك كان التعامل مبنياً على الاحترام المتبادل بيننا، وهذا ما نقتقده في لبنان حيث ينظر معظمنا إلى الآخر نظرة سلبية».
تقول جوي إنّ السفر كان «أحلى شي صار بحياتي» وإنّه في حال عودتها إلى إسبانيا ستجد الكثير من البيوت لاستقبالها، فقد كوّنت خلال إقامتها هناك عدداً كبيراً من الأصدقاء لا تزال على تواصل معهم.