حسام كنفانيلا يبدو أن نهاية مسلسل الحوار الفلسطيني ستكون قريبة. حلقات جديدة وأحداث غير مشوّقة في الطريق. مسلسل مكسيكي أو تركي، مشاهدوه يتجمّعون في قطاع غزّة والضفة الغربيّة لمتابعة التداعيات، مع نسبة عالية من التشاؤم والقناعة ببقاء الحال على ما هي عليه.
حال ليست مرتبطة بالانقسام السياسي والجغرافي القائم بين الضفة وغزة فقط، بل بالخيارين الفلسطينيّين اللذين لا يبدو أن هناك ثالثاً لهما في المرحلة الحالية. خياران يتراوحان بين السيّئ والأسوأ، لكلّ منهما نهج أحادي التوجّه يعبّر عنه بـ«فخر» المسؤولون في رام الله وقطاع غزّة.
الفلسطينيون عالقون غصباً بين النهجين، كلّ حسب وجوده الجغرافي؛ فغالبية قاطني الضفة مضطرون إلى الرضوخ لـ«الخط التفاوضي» للرئيس محمود عبّاس وحكومته وأجهزته الأمنيّة، وما يعنيه ذلك من قمع للأصوات المعارضة، تماماً كما حدث مع الدكتور عبد الستار قاسم، المعتقل في سجون السلطة.
عبّاس وحكومته وأجهزته ماضون في «إجراءات الانبطاح»، رغم اندثار المفاوضات في السنتين الماضيتين. غياب لا يمنع الرئيس الفلسطيني من التباهي باستمرار التنسيق الأمني واعتقال كوادر الفصائل المناهضة لخطه وملاحقة آخرين. تقديمات مجانية على حساب الشعب الفلسطيني. في المقابل، هناك تقديمات أخرى على حساب حياة الفلسطينيين تقوم بها حكومة «حماس» في غزّة، حيث يتبارى مسؤول الحركة الإسلاميّة بالتصريحات العنتريّة، فيما يعاني القطاع المحاصر أزمات معيشيّة خانقة على كل المستويات.
آخر «عنتريات» حركة «حماس» كانت على لسان القيادي محمود الزهار، الذي أطلّ على المصلّين ليعلن أن حركته «أصبحت تمتلك اليوم أسلحة أفضل من التي كانت تمتلكها قبيل اندلاع الحرب على قطاع غزة». رغم أنه يعلم جيّداً أن المشكلة في الحرب السابقة لم تكن في السلاح، الذي كان متوافراً بكثرة، بل في طريقة استخدامه. بعض الظرفاء فسّر تصريح الزهار بأنه «دعوة إلى نتنياهو لزيارة غزّة». زيارة من المؤكّد أن القطاع في غنى عنها، وهو عالق بين دمار العدوان السابق وشروط المانحين وانتقائيّة توزيع المساعدات من قبل حركة «حماس».
من الواضح أن النهجين لا يلتقيان، ومسلسل الحوار بينهما سيكون طويلاً، وكلفته ستكون باهظة على «المشاهدين».