يحقّ للفلسطينيّ مناهج تعزّز هويته■ إسرائيل تشكو مناهجنا التحريضية
■ للاجئين حقوق في دول الشتات

تأخّر يحيى يخلف، رئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة الفلسطيني، في الوصول. يخلف، الأديب والروائي الذي اختبر الواقع الثقافي والتربوي في الداخل الفلسطيني ومواقع الشتات بدا منهمكاً في التحضير لندوة تشرّح هذا الواقع. التقيناه على عجل وكان هذا الحوار:

فاتن الحاج
■ ما أهمية انعقاد ندوة عن الواقع التربوي والثقافي الفلسطيني في مخيمات اللاجئين في لبنان؟
- ما نود أن نقوله هو أنّ صورة المخيم حالة إنسانية لا أمنية. ببساطة، هنا في المخيمات شعب يريد أن يعيش بغضّ النظر عن أحداث مخيم نهر البارد والصراعات بين الميليشيات. نتوجه إلى الفلسطيني الإنسان الطيب المحروم من حقوقه الوطنية، ولا سيما حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. لكن في الوقت نفسه لكل فلسطيني حقوق مدنية في مواقع الشتات في البلدان العربية سواء في الأردن وسوريا ولبنان. وفي لبنان وضعُ الفلسطينيين مأساوي جداً فهم يعانون تمييزاً كبيراً ضدهم. لذا فندوتنا ستلفت النظر إلى حق الفلسطيني في التعلم والانتفاع من الثقافة والمشاركة فيها لأنّ التربية والثقافة جزء من الهوية الفلسطينية، وتفتحان على باقي الحقوق المدنية والإنسانية.

■ هل هناك خطة فلسطينية لترجمة هذا الهدف؟
- كمنظمة تحرير أو سلطة فلسطينية لدينا خطة ثقافية واستراتيجيات تربوية لكننا لا نستطيع أن نفرضها على الدول المضيفة. من هنا أهمية التضافر بين جهود منظمة التحرير والدولة اللبنانية ومؤسسات اليونسكو واليونيسيف والأونروا. وهنا لا يجوز أن نعفي المجتمع الدولي الذي تسبب بنكبة الفلسطينيين عبر صمته أكثر من 60 عاماً، من التزاماته تجاه اللاجئين. الندوة ستبحث حق الفلسطيني في أن تكون له مناهج تعزز هويته، وأهمية تأسيس دور نشر فلسطينية وإنشاء مراكز ثقافية داخل المخيمات كي يستمتع الشاب الفلسطيني بالموسيقى والرسم وغيرها فلا يُترَك للفراغ والتطرف. وسنرفع النتائج إلى الجهات المعنية التي يجب أن تلتزم أخلاقياً بالأفكار التي تخرج بها الندوة.

■ تأتي الندوة على هامش احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009. ماذا عن إحياء الحدث داخل فلسطين المحتلة وتحديداً القدس؟
- لمّا وقع اختيار مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي على القدس عاصمة ثقافية لهذا العام كان الوزراء يعرفون تماماً أنّ صعوبات كثيرة ستعترض إقامة احتفالات في المدينة المقدسة الرازحة تحت الاحتلال. وبالفعل فقد حوّلت سلطات الاحتلال المدينة إلى ثكنة عسكرية واعتقلت كل التجمعات المكلفة بإقامة فعاليات ثقافية، وإن كانت لم تتمكن من منع الاحتفالات الشعبية في ساحة المسجد الأقصى من إطلاق بالونات وإضاءة شموع.

■ هل ضغطت السلطة الفلسطينية باتجاه إقامة نشاطات في القدس؟
- يجري حالياً الاحتفال بوسائل متعددة من بينها إعادة ترميم البيوت القديمة في مدينة القدس وتحويلها إلى مكتبات ومراكز ثقافية تحتضن العروض السينمائية والمسرحية ومعارض الفن التشكيلي. والعمل جارٍ في هذا الصدد ولا يستطيع الإسرائيليون الاعتراض على إقامة بنى تحتية. لكن التركيز في إحياء المناسبة كان على احتفالات العواصم العربية بالقدس عبر إبراز تراث هذه المدينة الفلسطينية الحضاري والإنساني، ولفت النظر إلى ما تتعرض له من محاولات إسرائيلية لعزلها عن محيطها وتهويدها وتغيير طابعها السكاني والثقافي. وفي الداخل الفلسطيني، تألفت لجنة عليا مركزية لتنظيم احتفالات القدس التي امتدت في الأوساط الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو غزة أو داخل الخط الأخضر في الناصرة وغيرها أو في مواقع الشتات.

■ ماذا عن الاحتفالات التي منعتها حماس وهل أنتم مهتمون بإشراك غزة في الفعاليات؟
- القدس توحّد ولا تفرّق. وهناك لجان عربية في كل مكان تنسّق مع اللجنة الأساسية ومركزها رام الله. ولا أريد في ظل أجواء الحوار الوطني أن أغمس قلمي في مداد الحقد والكراهية. لكن أعتقد أنّ من منع الاحتفالات لم يكن يتمتع ببعد نظر، لذا سنتدارك الأمر في النصف الثاني من هذا العام، وسننجح في إقامة الاحتفالات في مدينة غزة على خلفية أنّ ما تفرقه السياسة تجمعه جبهة التربية والتعليم والثقافة التي تمثل الحصن الأول والأخير للهوية الوطنية الفلسطينية. ثم إنّ غزة مدينة لها طابعها الثقافي والفكري وتضم مثقفين وكتّاباً وفنانين وأدباء.

■ إذا كانت التربية تبلور الهوية الفلسطينية هل يتجاوز التعليم الانقسام وماذا عن التنسيق بين وزارتي غزة ورام الله؟
- لا أريد أن أتحدث في السياسة والحكومتين، فالشعب الفلسطيني يمتلك من الأصالة ما يمكنّه تجاوز كل التناقضات الثانوية، وتنسيق الجهود تناقضهم الأساسي لمواجهة الحكومة الإسرائيلية اليمينية، التي تذهب بعيداً في العنصرية. ومن أوجه هذا التنسيق توحيد العملية التعليمية عبر تنظيم امتحانات رسمية واحدة لشهادة الثانوية العامة. أما المناهج التربوية فهي مناهج فلسطينية موحدة وضعت بدعم من منظمة اليونسكو، بعد تشكيل السلطة عام 1994. وتحافظ هذه المناهج على الهوية ببعدها العربي والقومي والإسلامي والإنساني. ومن الطبيعي أن تدرّس كتب التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية التاريخ والقضية الفلسطينية. وغالباً ما ترفع إسرائيل شكاوى إلى منظمة اليونسكو تصف فيها مناهجنا بالتحريضية. لكن ما نقوله للمنظمة إنّ مناهجنا وطنية ومنطلقاتنا إنسانية والمناهج الإسرائيلية هي التي تشوّه صورة العربي وتحقن الأجيال الإسرائيلية الجديدة بثقافة الحقد؟


طلاب لن يذوبوا في الأسرلة