أحمد محسناختلف شكل سجن رومية كثيراً ظهر أمس. نُظقت الطرق المؤدية إلى باحة مبنى المحكومين المركزي، وتقلص عدد الزائرين عن المعتاد. فالموعد كان لإطلاق تطبيق قانون تنفيذ العقوبات، الذي يسمح للسجناء الاستفادة من حُسن سلوك مفترض، لتقصير فترة عقوباتهم. بدا كل شيء طبيعياً عند مدخل السجن، ولم يخترقه شيء إلا موكب شخصية «هامة»، تبين لاحقاً من صرخات رجال الحرس أنه قاض. وكما درجت العادة في المناسبات التي تشارك فيها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، كانت الفرقة الموسيقية أول الحاضرين، لعزف «موسيقى الشرف» لوصول وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، برفقة اللواء أشرف ريفي، بعيد وصول وزير العدل إبراهيم نجار.
في مواجهة الباحة الرئيسية، حيث تصافحت الشخصيات الرسمية، كان السجناء يلوحون من نوافذ مبنى المحكومين الضيقة بأشيائهم التي يُسمح لهم باقتنائها في السجن. أحدهم ألقى باقة ورود حمراء إلى الأسفل، وطلب من المصورين التقاط الصوّر له. صفق السجناء طويلاً لوزير العدل. «نحنا عنا ولاد ميتين من الجوع»، صاح آخر، بصوت أقوى من مكبر الصوت الذي استخدمه الوزير نجار لمخاطبة السجناء. عندما بدأ نجار كلمته، راح المحكومون يضربون قضبان زنازينهم، مطالبين بعفو عام.
دخل الجميع قاعة الزيارات العائلية، لعقد مؤتمر صحافي. كان يمكن لزائر المكان في وقت سابق، أن يكتشف التغير بين الوجوه الجديدة التي طرأت على القاعة، والوجوه القديمة. استقبلت المقاعد هناك، قضاة رفيعي المستوى، ابتداءً برئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي غانم، مروراً بمدعي عام التمييز الرئيس سعيد ميرزا، وصولاً إلى نائب رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي رالف رياشي. حل هؤلاء القضاة أمس، برفقة الوزراء طبعاً، مكان المحكومين الذين لوّحوا لهم من الخارج. حلت ربطات العنق الأنيقة، مكان بدلات السجناء النبيذية. الكلمات شددت على أن هذا القانون هو لمصلحة السجناء بالدرجة الأولى، كما أكد وزير العدل، بعدما ألقت منسقة مكتب المخدرات والجريمة في الأمم المتحدة، كلمة عرّفت فيها الحاضرين على الموضوع. بدوره، اعترف الوزير بارود بسوء وضع السجون، موضحاً أن مسألة انتقال إدارة السجون من وزارة الداخلية والبلديات إلى وزارة العدل، يجب أن تتم على أسرع وجه. ولفت الوزير إلى هدية جديدة إلى السجناء «سيحظون بالماء الساخن عبر الطاقة الشمسية خلال أيام».
لم يتغير شيء في الخارج بعد انتهاء المؤتمر الصحافي. عاود السجناء ضجيجهم، وعاود الوزراء الحديث إليهم تباعاً، ثم فاجأهم الوزير بارود بالصعود إلى أحد طوابق المبنى والتحدث إليهم عن قرب قبل مغادرته. وعلى الرغم من أن السجناء رشّوا الأرز على الوزير، إلا أنهم عندما فرغت الباحة الرئيسية من الحضور، علق بعضهم لافتات على زنازينهم تقول: «نريد أفعالاً لا أقوالاً».


قانون حسن السلوك

صدر القانون رقم 463 (قانون تنفيذ العقوبات) يوم 17/9/2002، وينص على «خفض عقوبات المحكوم عليهم جزائياً بعقوبات مانعة للحرية بمنحهم خفض عقوباتهم وفقاً للأحكام الواردة فيه». وصدر المرسوم التطبيقي للقانون في 11/5/2006، بعد نقاش طويل وتعديلات إضافية. وتستثني المادة 15 من القانون المذكور، السجناء المحكومين بحظر شامل، كالإرهاب، وجنايات اغتصاب القاصرين. ويخضع طلب السجين للحصول على خفوضات، لآلية بسيطة، توجب عليه تقديم طلب خطي للجنة المسؤولة (تعينها وزارة العدل بالتعاون مع وزارة الداخلية)، موقع منهم شخصياً، أو من محام يمثلهم. وفي المراحل اللاحقة، تدقق محكمة الاستئناف في الطلب، في مهلة لا تتجاوز الشهرين، على أن تأخذ تدابير قضائية إضافية، وفي حال قبولها طلب خفض العقوبة، تبلغ المحكمة قرار الخفض إلى السجن العدلي للمحكوم عليه.