بسام القنطار
تشي أحاديث الناس في مجالسهم بأن المواطن اللبناني حائر في كيفية تصرفه تجاه النسخة الجديدة من الفيروس الذي لم تُحسم بعد تسميته، ولو أن اسم أنفلونزا الخنازير أطلق عليه منذ ظهوره في المكسيك، ضحيته الأولى، حيث قُتل حتى أمس 165شخصاً، قبل أن ينتقل بسرعة الهواء إلى الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا، وصولاً إلى إسرائيل والأردن ومصر.
مكمن الحيرة لدى المواطن اللبناني ناتج من تزاحم العناوين والمقالات والتصريحات الرسمية اللبنانية، التي لا تخلو من التناقض والضبابية التي، على دعوتها إلى الهدوء وعدم الاستسلام للذعر، فإن فيها ثغرات تصيب المواطنين بالقلق. ولقد استدعى هذا الأمر إطلاق رئيس الهيئة الوطنية الصحية، النائب إسماعيل سكرية، إنذاراً محقاً، دعا فيه وزارة الصحة إلى مقاربة «أكثر جدية» إزاء احتمال وصول فيروس أنفلونزا الخنازير إلى لبنان وعدم الاكتفاء بسياسة الطمأنة ورفع المعنويات والإصرار الدائم على جهوزية «مخبرية ودوائية» غير أكيدة، ذكرتنا بجهوزية أيام «الجمرة الخبيثة» كما قال للوكالة الوطنية للإعلام أمس.
وكشف سكرية أن لبنان لا يملك القدرة المخبرية على التشخيص الدقيق لفيروس أنفلونزا الخنازير، وهو فيروس جديد متحول، ولد لدى تلاقيه مع فيروس الأنفلونزا البشرية، ما يجعل من التعرف إليه عملية صعبة. وقال سكرية إن «ما لدينا يؤكد هوية الفيروس A أو B وتختزن الأصناف الأخرى من أنفلونزا الطيور والبشر، ويفصلها عن سائر أشكال الالتهابات التنفسية من دون إمكان تحديد تفصيل الفيروس». وهذا الأمر تناولته «الأخبار» أول من أمس عندما أشارت إلى أن وزارة الصحة طلبت من منظمة الصحة العالمية الحصول على الرقاقة الإلكترونية التي من شأنها كشف هذا الفيروس الجديد في شكله وصورته، بعدما أكدت أن لا إصابات في لبنان.
كذلك ذكّر سكرية بأنه لا تأكيد عالمياً حتى اليوم بفاعلية دواء «تاميفلو» ـــــ الذي اشتهر اسمه لدى انتشار أنفلونزا الطيور ـــــ لأن هذا الدواء صنع لمواجهة أنفلونزا الطيور، وما توصية منظمة الصحة العالمية باعتماده إلا لغياب الدواء المطلوب الذي يتطلب متابعة تفاصيل أنفلونزا الخنازير وتشخيصه ليُبنى على الشيء مقتضاه العلمي.
وكانت وزارة الصحة العامة قد أعلنت في بيان أمس «قيام وفد مشترك من منظمة الصحة العالمية في لبنان ووزارة الصحة العامة بزيارة ميدانية لمطار رفيق الحريري الدولي للتأكد من الإجراءات المتخذة من الأجهزة المعنية بسلامة الركاب في المطار وما يخص الوقاية من هذا المرض».
ويستدل من هذا التصريح أن هناك إجراءات اتُّخذت في المطار، ما يتناقض مع إعلان سابق لوزير الصحة محمد خليفة خلال مؤتمره الصحافي أول من أمس. لكن د. أليسار راضي الخبيرة في منظمة الصحة العالمية التي شاركت في الجولة أعلنت في اتصال مع «الأخبار» أن الجولة كانت للاطلاع على جهوزية الأجهزة المعنية في المطار، في حال اتخاذ إجراءات تتعلق بالركّاب الوافدين، وهو أمر كان على الوزارة القيام به لدى انتشار أخبار إصابات المكسيك والتحقق منها.
بدوره أوضح المدير العام لوزارة الصحة د. وليد عمار، خلال جلسة مناقشة طارئة عقدتها لجنة الصحة النيابية أمس، أن الوزارة تستفيد اليوم من الاستراتيجيا الوطنية التي وضعت لمواجهة أنفلونزا الطيور منذ فترة والتي تعتمد نظام الترصد الوبائي وتدابير الوقاية والعلاج وكيفية حماية العاملين في المستشفيات.
وأشار إلى أن الأولوية اليوم هي لإرشاد المواطنين إلى سبل الوقاية. وأبلغ د. عمار اللجنة «أن الوزارة ستبدأ قريباً جداً بتوزيع منشورات إرشادية للقادمين إلى لبنان عبر نقاط العبور».
كذلك تطرق ممثلو وزارة الزراعة إلى خطة مسح شاملة لمزارع الخنازير في لبنان للتأكد من عدم وجود أي إصابة بالمرض.
وفي ختام الجلسة، رفع رئيس اللجنة النائب عاطف مجدلاني توصية بإنشاء لجنة وطنية لطوارئ الصحة مع توفير الإمكانات الضرورية لمتابعة هذه الأزمة من جهة، واستمرارية عمل هذه اللجنة من جهة أخرى لمواجهة أي أزمات صحية قد تطرأ في المستقبل، والسماح لوزارة الصحة بالتعاقد مع مختصين لتأليف فريق عمل لمكافحة الأوبئة، وتهيئة الإمكانات لتوفير المعدات المخبرية الضرورية.
ورداً على سؤال عن الإجراءات الاحترازية، دعا مجدلاني إلى «إعطاء الإرشادات الضرورية ليراقب الإنسان نفسه من إمكان شعوره بأي عارض والتوجه إلى المستشفى».
تجدر الإشارة إلى أن رئيس اتحاد بلديات العرقوب، رئيس بلدية شبعا، عمر الزهيري، تقدم بمذكرة إلى قائد قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان، طالبت باتخاذ الاحتياطات اللازمة للحؤول دون انتشار الفيروس داخل لبنان، بعدما اكتُشف في إسرائيل، في إشارة إلى تخوف جنوبي من معاودة إسرائيل إطلاق قطعان الخنازير باتجاه أراضي الجنوب، كما فعلت بُعَيد التحرير.