يفتقد الـ«freelancers» الاستقرار الوظيفي. ما هي أبرز المشاكل التي تعانيها هذه الفئة؟ وخصوصاً في ظل غياب مظلة قانونية تحمي حقوقهم؟
سمية علي
«نحن عمال بلا هوية». هكذا يصف الشباب العاملون كـ free lancer أنفسهم. فهؤلاء ليسوا موظفين ثابتين في المؤسسات التي يعملون فيها ولا يتلقون راتباً ذا قيمة محددة سلفاً، بل إن أجرهم يحدد تبعاً لمدة العمل الذي يقومون به أو كميته. تتحدث ماري عن تجربتها في إحدى المؤسسات الإعلامية، فتقول إنها تعاني عدم استقرار في عملها. فهي لا تمتلك الحقوق التي يتمتع بها الموظف الثابت في المؤسسة، «إن كان من جهة الخدمات كالتأمين والضمان الصحي أو من جهة الإجازة السنوية التي يستطيع طلبها من دون أن يفقد راتبه». تروي ماري أنها تتعرض وزملاءها لانتهاكات عديدة على مستوى الحقوق، فأحدهم عمل لساعات على إنتاج حلقة لأحد البرامج التلفزيونية لكنه لم يتلق أي مبلغ مقابل عمله لأن «الحلقة أُلغيت ولم تبث على الهواء مباشرة!».
أما سارة، التي تعمل مستكتبة في إحدى الصحف، فقد واجهت، أثناء قيامها ببعض التحقيقات، معوقات كان سببها «عدم حيازتي بطاقة تشير إلى أنني أنتمي رسمياً إلى الصحيفة» كما تروي. اللافت في الأمر اعتماد عدد كبير من المؤسسات حالياًَ لهذا النوع من التوظيف، والسبب، كما يرى البعض، هو التوفير الذي تمنحه هذه الآلية لصاحب المؤسسة من ناحية تقديم الخدمات لهؤلاء العاملين، وخصوصاً في ظل غياب قانون رسمي وواضح يرعى حقوقهم ويحميها من أي انتهاكات. تشعر ماري، المتخرجة حديثاً، بعدم الانتماء إلى المؤسسة حيث تعمل، فإذا تغيبت لفترة طويلة نتيجة أسباب صحية ستتوقف عن تلقي أي مردود مالي وصولاً إلى درجة الاستغناء عن خدماتها. في مكان آخر، توافق سمر على ما تقوله ماري. فهي أيضاً تنشد الاستقرار الوظيفي، لكن ما يواسيها تلاؤم نظام الـfreelancer مع برنامج الدراسة في الجامعة. «أعمل في أحد الفنادق وفي نهاية الدوام أتلقى مبلغاً من المال يحدد بحسب عدد ساعات العمل» كما تشرح، لتضيف أن الهدف من هذا العمل المؤقت هو تأمين مصروفها اليومي لا غير، مع الأمل بالانتقال إلى وظيفة أكثر ثباتاً في المستقبل.
أحمد هو طالب أيضاً، دفعته الظروف المادية الصعبة للعمل في أحد معامل الرخام مقابل أجر يومي قدره 15000 ليرة لبنانية. «اللي بغيب نهار ما بيقبض عنو»، يقول، مشيراً إلى وجود تأمين على حياته وحياة زملائه في العمل بسبب بعض الظروف الخطرة التي يتعرضون لها أثناء عملهم. لكن الأمر لا يتوقف عند انتهاك أصحاب العمل حقوق هذه الفئة، فمن ناحية أخرى، تفرض الدولة ضريبة على العاملين غير المثبتين. تشرح ماري هذه المسألة بالقول إنها تقدم فواتير بكل الأموال التي تحصل عليها مقابل العمل لتُجمع بعد ذلك وتُخصم نسبة قدرها
7.5% من مدخولها السنوي ضريبةً لمصلحة الدولة، بعدما حصلت على رقم مالي، أما قبل ذلك فقد كان الخصم يحصل شهرياً. مع الإشارة إلى أن هذه النسبة تتغير وفقاً لطبيعة العمل. فالنسبة المفروضة على الممثلين والموسيقيين أعلى من تلك المترتبة على غيرهم. في الأول من أيار وبمناسبة عيد العمال ينتظر هؤلاء من دولتهم عيدية تتمثل ربما بقانون يوضح ما لهم من حقوق مقابل ما يقدمونه من واجبات.