رامي زريقستبقى أسعار الغذاء على ارتفاعها، وخاصة في البلدان النامية، بالرغم من بلوغ الإنتاج العالمي للحبوب وغيرها من المحاصيل الأساسية رقماً قياسياً خلال عامي 2008 و2009. هذا ما كشف عنه تقرير صدر أخيراً عن منظمة الأغذية والزراعة، (الفاو)، التي توقّعت فيه ارتفاع عدد الجياع في العالم، وخاصة بين الفئات المهمشة مثل فقراء المدن وصغار المزارعين الذين يعجزون عن إنتاج حاجاتهم الغذائية.
وأتت الأزمة المالية العالمية وما تبعها من انحسار في الاستثمارات، لا سيما في بلدان الخليج، لتزيد الوضع سوءاً. فقد أدّى انفجار «الفقاعة» العربية إلى طرد عشرات الآلاف من العمال والموظفين العرب والآسيويين الذين كان قد دفعهم البؤس نحو بلاد النفط حيث شيّدوا القصور والأبراج لملوك وأمراء «البذخ» الذين عاملوهم، في المقابل، معاملة الرقيق. كان لعودة هؤلاء إلى بلادهم نتيجتان ساهمتا في مضاعفة عدد الجياع. أولاها انضمامهم إلى الفئات الفقيرة والعاطلة عن العمل، أما الثانية، فهي انقطاع سيل التحويلات المالية إلى بلادهم حيث كانت، رغم تواضعها، تمثّل المصدر الرئيسي لشراء الغذاء المستورد.
يتفق أكثر الخبراء على أن إحدى الوسائل الأساسية للخروج من هذه الأزمة تكمن في رفع قدرة الفقراء على إنتاج غذائهم. إلا أن هذه الخطة لن تكون سهلة التنفيذ لأنها تحتاج إلى استثمارات في التنمية البشرية والريفية لا تزال بعيدة المنال.
أما بلدان النفط، فقد اهتمت أيضاً بتفاعلات أزمة الغذاء، إذ إنها تحركت نحو البلدان الفقيرة نفسها التي عاد إليها العمال المطرودون، والتي تنعم بوفرة المياه والأراضي الخصبة، وأنشأت فيها مزارع عملاقة لإنتاج الغذاء... ونقله إليها تحت أنظار محتاجيه، لتكون بذلك العلاقة قد تطورت من الرّق إلى الاستعمار.