تتزايد نسبة الإصابات بسرطان الثدي بين اللبنانيات. ورغم أن النظام الغذائي ليس العامل الوحيد المؤثر في ذلك، إلا أن التغيير فيه يمكن أن يساعد على الوقاية من هذا المرض الفتّاك أو على الأقل، من السيطرة عليه
ليلى أبو سابا
وضعت جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، التي تضم مستشفى يؤدي دوراً ريادياً في معالجة الأمراض السرطانية، كتيّباً يتضمن بحثاً عن المأكولات التي ينبغي تناولها من أجل محاربة سرطان الثدي، اتضح أن معظمها مألوف لدى اللبنانيين. فالخضار من الفصيلة الصليبية، بما فيها الملفوف والقنّبيط والشمندر واللفت والفجل وقرة العين، تمتلك خاصيات فعالة في محاربة السرطان. وقد أثبت العديد من الدراسات أن الملفوف خصوصاً، يقلل من احتمال الإصابة بسرطان الثدي. وتضم كل الخضار من الفصيلة الصليبية مكوّنات توقِف نمو الأورام وانتشارها، وتقتل خلاياها فعلياً. يدعو الباحثون إلى تناول مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية الطازجة الخالية من مبيدات الحشرات يومياً، ويشيرون إلى أهمية الرمان في إيقاف نمو الخلايا السرطانية، وإلى فعالية العصير المختمر والزيت المستخرج من البذور في محاربة هذه الخلايا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تناول دبس الرمان طوال السنة. من جهة ثانية، تحمي الحوامض الدهنية، أوميغا 3، من سرطان الثدي وتحول دون نمو الأورام. ويحوي سمك المياه الباردة، مثل الرنكة والسردين والإسقمري والتّن، حوامض أوميغا 3 بأشكال يسهل على الجسم امتصاصها. ولكن مع تراجع الصيد بسبب تدهور الأوضاع البيئية، لم يعد السمك متوافراً كما في السابق. غير أن بعض النباتات اللبنانية التقليدية تحوي نسبة عالية من حوامض أوميغا 3، مثل الجوز والبقلة. البيض الذي ينتج من دجاج مربّى تقليدياً يميل إلى احتواء تركيزات أعلى من أوميغا 3، بعكس البيض المأخوذ من دجاج مربى في المزارع. أما اللحم المنتج محلياً، مثل لحم الغنم الذي يُرعى في الهواء الطلق ويُربّى باستخدام الحد الأدنى من المضادات الحيوية والهورمونات، فهو يمتلك أيضاً نسبة أعلى بكثير من الأوميغا 3.
في ما يتعلق بالدهون المهدرجة التي تحويها الأطعمة المصنعة، مثل رقاقات البطاطا والكعك المحلّى والحلويات والفطائر المحلاة المقلية بالدهن (دوناتس)، فهي سيئة للغاية للصحة، إذ إن هذه الدهون قد تساهم فعلياً في التهابات تؤدي إلى أمراض سرطانية، كما أُثبت أنها مضرة بالقلب. الحبوب الكاملة، مثل البرغل والفريكة، والبقوليات، مهمة للغاية في نظام غذائي يقي من السرطان. فالألياف تلتصق بالمواد المسرطنة وتطردها كما تخفّض من مستويات الهورمون التي تساهم في تقدم الأمراض السرطانية. العدس والحمّص وكل أنواع الفاصوليا تمثّل جزءاً مهماً من نظام غذائي يحارب السرطان.
إن تناول القمح والأرز والسكر يرفع معدل مصل الإنسولين الذي يثير نمو الخلايا السرطانية. لذلك، يجب على مرضى السرطان أن يتناولوا كميات أقل بكثير من السكر.
ويعالج الجسم الدقيق الأبيض تماماً كما يعالج السكر، لذا يجب تجنبه أيضاً. ويتحتّم على مرضى السرطان الذين يريدون تحسين نظامهم الغذائي أن يتناولوا كميات أكبر بكثير من البرغل، وأن يمتنعوا تقريباً عن تناول الخبز الأبيض أو الأرز الأبيض أو السكر.
ينصح العديد من اختصاصيي التغذية بالتزوّد ببكتيريا البروبيوتيك الحية الموجودة في اللبن. فالاستخدام الحديث المفرط للمضادات الحيوية يقضي على البكتيريا الصالحة التي نحتاج إليها في الأمعاء. وفيما اللبن المصنّع تجارياً لا يحوي عادة مستعمرات من البكتيريا الحية، تمتلك الألبان المحضّرة تقليدياً مذاقاً أفضل، وتحتوي على بكتيريا بروبيوتيكس أكثر حيوية، تمثّل جزءاً مهماً من جهاز هضمي متوازن.
وضمن الإطار نفسه، تكشف الأبحاث عن أهمية المخللات المعدّة تقليدياً مثل المخللات اللبنانية المحضّرة في المنزل من دون مواد حافظة اصطناعية، إذ إنها تتميّز بخصائص شفائية أو هضمية.
يخضع الكركم، من جهته، للدراسة في مستشفى أم دي أندرسون، وهو مستشفى مهم في تكساس، لما يتمتع به من خصائص فعالة في محاربة السرطان. وعلى الرغم من أن الكركم لا يُستخدم كثيراً في تحضير الأطباق اللبنانية، يجب على الجميع أن يفكّر في إضافته إلى نظامه الغذائي. أما التوابل الأخرى التي تتمتع بخصائص صحية، فتشمل الزنجبيل والقرفة وكبش القرنفل.
البقدونس، الذي يمتلك العديد من العناصر الغذائية، يحوي زيوتاً طيارة ذات قدرة خاصة على منع تكوّن الأورام وفقاً للدراسات التي أُجريت على الحيوانات. أما الليمون الحامض والبرتقال فمفيدان حتماً بسبب الفيتامين سي الموجود في عصيرهما، والقشر واللب الأبيض قادران أيضاً على محاربة الأورام. غير أن الأبحاث المتعلقة بهذا الزعم الأخير ليست حاسمة بعد.
(ترجمة جورجيت فرشخ فرنجية)