أغفلت بطاقة اللاجئين التي اعتمدت عام 2000 كلمة «الفلسطينيين» من اسم الجهة التي تصدرها، ومع استبدال هؤلاء التدريجي لهوياتهم، بدأوا يلاحظون الأمر من دون فهم السبب. ما أثار مخاوف محورها التوطين تارة، والحرمان من الحقوق المتعددة تارة أخرى
قاسم س. قاسم
أصدرت الدولة اللبنانية العديد من القوانين التي سلبت الفلسطينيين حقوقاً يتمتع بها بقية اللاجئين في العالم. منع التوطين كانت الحجة التي تقبلها الفلسطينيون على مضض. لكن إصدار المرسوم الرقم 4082 في 41/10/2000، الذي ينظم بطريقة جديدة وزارة الداخلية والبلديات، دب الرعب في قلوب هؤلاء، أو بشكل أدق عند كل من كان يستبدل بطاقته القديمة التي تعلوها عبارة: المديرية العامة لإدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين، بالبطاقة الجديدة التي تحمل عبارة: المديرية العامة لإدارة الشؤون السياسية واللاجئين، دون ذكر الفلسطينيين. هكذا، كان الناس ما إن يحصلوا على بطاقتهم الجديدة حتى يبدأوا طرح الأسئلة، من دون أن يجدوا من يجيبهم. ما الذي تعنيه هذه الخطوة؟ هل يكون ذلك تمهيداً لإلغاء وضعهم القانوني الخاص كلاجئين فلسطينيين مميزين عن غيرهم من اللاجئين؟ وما زاد هذا التخوف هو الزيارة الأخيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وما رافقها من شائعات تداولتها فصائل التحالف الفلسطينية، بأن هناك «صفقة تمت بينه وبين رئيس الحكومة اللبنانية لإصدار بطاقات إقامة دائمة للاجئين في لبنان».
في البداية، أُنشئت «المديرية العامة لإدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين» في 31/3/1959 بمرسوم اشتراعي رقم 42، وتمت بمرسوم آخر رقم 927 مهمات هذه الإدارة التابعة لوزارة الداخلية. تجدر الإشارة إلى أنّ لبنان ألحق الملف الفلسطيني بسبب «الوضع اللبناني الخاص»، للمديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين (شؤون يومية)، وللمديرية العامة للأمن العام (جوازت ملفات أمنية). أما في البلدان العربية المجاورة ومنها سوريا، فقد ألحق اللاجئون بوزارة الشؤون الاجتماعية وفي الأردن بوزارة الخارجية. أما اليوم وبعد المرسوم الرقم 4082 الصادر عام 2000، فقد تغير الاسم ليصبح «المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين». لكن هذا التغيير في الاسم، لم يحمل معه تغييراً في المهمات. بقي العمل نفسه إذاً، إلا في بعض الأمور الصغيرة، كنقل طلبات الإقامة من مخيم إلى آخر، وتقديم طلبات جوازات السفر واستلامها.
لكن، ما هو السبب الرئيسي لخوف الفلسطينيين من تغير اسم المديرية ما دام عملها لم يتغير؟ بكل بساطة «عدم ثقتنا بالدولة اللبنانية»، كما يقول أحد اللاجئين. وما ساعد على تداول هذه الشائعات وانتشارها كالنار في الهشيم، الحوادث اليومية التي يواجهها فلسطينيو لبنان يومياً في مركز المديرية في شارع رأس النبع، خلف تمثال الرئيس بشارة الخوري، التي تميزت هذه الأيام بتأخير إصدار الهويات الجديدة. ويقول أحد مسؤولي الفصائل إن «التأخير الحاصل في إصدار الهويات هو تغييرها إلى بطاقة ممغنطة ربما يُكتب عليها: بطاقة خاصة بالمقيمين، بدلاً من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان»، ما يعني بالنسبة إليه احتمال «التطنيش» على حق العودة.
من الناحية القانونية يقول مدير مركز التنمية الإنسانية القانوني الفلسطيني د. سهيل الناطور إن «تغيير أسماء المديريات لن يؤثر في عملها، فمديرية السياسة واللاجئين لا تزال تقوم بوظائف مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين نفسها، وإذا أرادوا أن يغيّروا وظائفها فعليهم إصدار قوانين جديدة». ويشرح الناطور سير التعديلات التي طالت الجهازين، فمع «رحيل المدير العام السابق للشؤون وإلحاقه برئاسة الوزارء، سُلّم منصب الإدارة بالوكالة إلى المدير العام لوزارة الداخلية الذي أُحيل بدوره على التقاعد ليصبح مركز المدير العام للشؤون خالياً مجدداً». أما سبب هذه التغيرات وعدم تعيين مدير جديد؟ فهي بحسب الناطور: «الخلافات السياسية اللبنانية». ويستدرك: «لكنهم اليوم يجدون أنفسهم مضطرين إلى تعيين مدير عام للداخلية من أجل إجراء الانتخابات».
إذاً، في إمكان الفلسطينيين الاطمئنان إلى أنه لن تُشطب أو تُنزع صفة «لاجئ» عنهم، والسبب بكل بساطة هو أن «الدولة اللبنانية تتعامل مع مسألة اللاجئين كقضية ذات أهمية قصوى سياسياً وديموغرافياً وارتباطها بحل مسألة العودة إلى ديارهم، إضافة إلى العامل الدولي المتمثّل في عدم خسارة التمويل الذي يُدفع للاجئين الفلسطينيين في دول العالم والأمم المتحدة وهيئاتها، الأونروا خاصة، والذي يمثّل عاملاً مساعداً للبنان على تحمل أعبائهم انتظاراً للعودة»، كما يقول الناطور.