يبدو أن القضاء اللبناني ليس متيقّناً من أنه لا يزال صاحب صلاحية بتّ طلبات إخلاء السبيل، إذ إن القاضي صقر صقر لم يصدر أمس قراره بالطلبات التي قدمها له وكلاء الضباط الأربعة، «لأنه لا يزال يبحثها شكلاً»
حسن عليق
أكّد وزير العدل إبراهيم نجار لـ«الأخبار»، أمس، أن القضاء اللبناني لا يزال صاحب الصلاحية القانونية لبتّ طلبات إخلاء سبيل الموقوفين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، رغم انطلاق عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. ويأتي كلام نجار متوافقاً مع ما ذكره المدعي العام الدولي دانيال بلمار الذي أكّد بعد انطلاق عمل المحكمة أن القضاء اللبناني لا يزال يملك الصلاحية الحصرية لبتّ مصير الموقوفين، على أن تستمر الصلاحية سارية إلى أن تطلب المحكمة الدولية من القضاء اللبناني أن يتنازل عن اختصاصه.
تجدر الإشارة إلى أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من النظام الأساسي للمحكمة تنص على أن تطلب المحكمة الخاصة من السلطة القضائية اللبنانية أن تتنازل عن اختصاصها خلال شهرين من انطلاق عملها، «وتحيل السلطة القضائية اللبنانية إلى المحكمة الخاصة نتائج التحقيق ونسخة من سجلات المحكمة إن وُجدت، ويُنقل الأشخاص المحتجزون رهن التحقيق إلى عُهدة المحكمة».
لكن كلام نجار وبلمار لم يلقَ صدى له في بعض الدوائر القضائية اللبنانية، إذ أكّد مسؤول رفيع معني بالتحقيق اللبناني في جريمة اغتيال الحريري، أن القاضي صقر صقر لم يبتّ طلبات إخلاء سبيل الضباط الأربعة أمس، لأنه كان يدرس الطلبات شكلاً، أي إنه يبحث في ما إذا كان لا يزال يملك صلاحية النظر في القضية بعد انطلاق عمل لجنة التحقيق الدولية يوم أول من أمس.
وأكّد المسؤول ذاته لـ«الأخبار» أن خطوة الموافقة على إخلاء سبيل الأخوين أحمد ومحمود عبد العال وإبراهيم جرجورة، مبنية على قرار صادر عن لجنة التحقيق الدولية. لكن هل يعني ذلك أن الاستمرار بتوقيف الضباط الأربعة مبنيّ أيضاً على رأي القاضي دانيال بلمار؟ أجاب المسؤول الرفيع جازماً: «القاضي صقر لم يتسلّم أي رأي بخصوص الضباط الأربعة».
في المقابل، أكّد وكيل اللواء الركن جميل السيد، المحامي أكرم عازوري، أن القضاء اللبناني «يظل صالحاً، بل من واجبه أن يبتّ طلبات إخلاء السبيل، لحين تلقّيه طلباً رسمياً من المحكمة الدولية يلزمه برفع يده عن القضية».
من ناحية أخرى، ذكّر عازوري بأن «التوقيف التعسفي لا ينتهي بإخلاء السبيل، بل يمكن قاضي التحقيق صقر أن يصدر خلال الفترة الباقية قراراً اتهامياً بحق الضباط، على أن يكون معللاً بالأدلة والوقائع، لأنّ من غير المفهوم أن يستمر تحقيق وتوقيف لأكثر من 3 سنوات ونصف من دون إصدار قرار اتهامي، إذا كانت هناك وقائع وأدلة في ملف التحقيق».
أما في ما يتعلّق بإخلاء سبيل الأخوين عبد العال وجرجورة، فرأى عازوري أن هذا القرار «هو تنفيذ جزئي لرأي بلمار الذي كتب عنه في الفقرة 48 من تقريره الأخير». وعلى كل حال، أضاف عازوري، «إذا لم يُخلِ القضاء اللبناني سبيل الضباط، فمن غير المعقول أن يتصرف دانيال بلمار بعد تسلّمه الملف خلافاً لرأيه الذي أبداه قبل تسلّمه. وهذا تحديداً ما حمل الدفاع على التصريح علناً ورسمياً بأن مسألة التوقيف ستحسم بفترة تقاس بالأسابيع بعد الأول من آذار ما لم يكن القضاء قد بتّ الموضوع».
تجدر الإشارة إلى أن الموقوف إبراهيم جرجورة لا يزال في نظارة المديرية العامة للأمن العام منذ صدور قرار إخلاء سبيله. ويعود سبب عدم تركه حراً إلى أنه سوري الجنسية، إذ تدرس المديرية إمكان ترحيله إلى بلاده أو إبقاءه في لبنان، «بناءً على رأي النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا»، بحسب ما ذكر مسؤول رفيع في الأمن العام لـ«الأخبار».
وفي سياق متصل، أقامت جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أمس حفل استقبال للمهنئين بإخلاء سبيل الأخوين عبد العال في مقرّها ببرج أبي حيدر، فحضر عدد كبير من الشخصيات السياسية والدينية.