بنت جبيل ــ داني الأمينببعض المبالغة يمكن القول إنه لم يكن هناك مجال للاستحمام أخيراً، في أغلب قرى وبلدات قضاء بنت جبيل، وتحديداً منذ العاصفة الثلجية. فموسم الشتاء القارس هنا يترافق «عادة» مع موسم انقطاع التيار الكهربائي. هكذا، وفي ظل «كهربة» الأجهزة المنزلية الحديثة، أي تحوّلها إلى الاعتماد على الطاقة الكهربائية، من سخّان مياه إلى التدفئة الخ.. يجد المواطن نفسه مضطراً للامتناع عن أي استخدام للمياه ذات الحرارة الجليدية، حتى لجلي الأواني وتنظيفها. فقد «اعتاد» أبناء هذه المنطقة النائية على انقطاع التيار في كل عاصفة ثلجية، فكيف إذا كانت استثنائية كالتي مرّت على لبنان في الأيام الماضية؟ فما إن بدأت العاصفة الثلجية حتى انقطعت الكهرباء لأكثر من 36ساعة متواصلة. أما حين عاد التيار؟ فقد بدأ التقنين القاسي بعد ساعتين من عودته، وهذا ما أوقع الجميع تحت رحمة مدافئ الحطب أو المازوت، لكونها الوسيلة الأوفر لتسخين المياه، باستثناء عبد الله عواضة، من بلدة شقرا، الذي وجد حلّاً مثالياً لمواجهة قطع الكهرباء «بحجّة العواصف الثلجية». فقد عمد عواضة إلى صناعة مدفأة حطب يعلوها خزان ماء صغير، يسخّن على نار المدفأة، بعدما أوصل شبكة مياه المنزل بخزّان المياه الذي أخفاه بألواح خشبية متناسقة مع ديكور بيته. هكذا، تسخّن مياه المنزل في الوقت الذي تتدفأ فيه الأسرة بكاملها في كل الغرف. يعتقد عواضة أن «هذا الحلّ هو الأفضل للحصول على مياه دافئة طوال فصل الشتاء، من دون أن ننتظر ساعات مجيء الكهرباء لتسخين المياه». أسرة راجح سعد (خربة سلم) لم تكن بموهبة عواضة في تدبير أمورها في ظل انقطاع التيار الكهربائي. يشكو سعد أنه «منذ بدء العاصفة الثلجية الأخيرة لم نر الكهرباء إلّا ساعة ونصف ساعة، وهذا غير كافٍ حتى لتسخين المياه، لذلك نعمل على استخدام الحطب، وهذا أمر مكلف لنا». يضيف: «دولة تقطع عن مواطنيها التيار في أشهر البرد؟ لماذا؟ ليشتروا مولدات خاصة وحطباً ومازوتاً»؟ حسين طويل أيضاً واقع في المشكل ذاته. لكنّ أسرته لا مال لديها أصلاً لشراء المازوت للتدفئة، ما يجعلهم يمضون الشتاء من دون استخدام أي وسيلة للتدفئة، «فماذا علينا أن نفعل عند انقطاع الكهرباء، إنها مأساة حقيقية». أولويات علي زين الدين مختلفة «ليس البرد هو المزعج، فنحن ننتظر هذه الأيام لنملأ آبارنا بالمياه لكي لا نضطر إلى شرائها صيفاً. لكن دولتنا العزيزة تقطع التيار الكهربائي كلما اشتدّ الصقيع، فمنذ بدء العاصفة الثلجية لم تأت الكهرباء دقيقة واحدة، فهل هذا يحصل لبلدات الاصطياف كبرمّانا مثلاً، وهل العاصفة الثلجية لا تصيب إلا مولدات كهرباء المناطق النائية؟».