محمّد زبيب«زمّر بنيّك»، هكذا يقول المثل الشائع في لبنان، وهو زمّر فعلاً هذه المرّة في أكبر بورصات العالم. فقد حلّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أخيراً ضيفاً على بورصة نيويورك، نعم البورصة التي خسر المتعاملون فيها 6 تريليونات دولار بسبب أزمة الأسواق المالية... كانت استضافته فرصة لإعطاء الموظّف هناك إجازة من عمله الروتيني اليومي، فقرع الجرس بدلاً منه إيذاناً بافتتاح جلسة التعاملات يوم الاثنين الماضي، نعم في اليوم الذي تقهقر فيه مؤشرها إلى أدنى مستوى له منذ 12 عاماً.
لا داعي للقلق بعد الآن، وليس على اللبنانيين أن يشغلوا بالهم ما دام حاكمهم لا يزال قادراً على قرع أجراس عاصمة المال بنجاح مشهود لم يبلغه نظيره السابق ألان غرينسبان... ليس عليهم إلا أن يرسّخوا إيمانهم بأن لعبة تأجيل الاستحقاقات وشراء الوقت، ولو بكلفة مرتفعة، يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية بفضل حنكة حاكمهم ومهاراته الجمّة المعترف بها في كل محافل «البزنس» العالمية... عليهم أن يطمئنوا إلى أن هذه اللعبة تحتاج إلى من يتقن إدارتها كي لا تنفجر في وجه الجميع كما حصل في الولايات المتحدة، صاحبة الحظ العاثر بسبب قلة شطارة غرينسبان في فترة ولايته الطويلة.
لماذا الهلع من أن يتأثّر لبنان بترددات الزلزال؟ فهذا فعل «مازوشي»، والأمر لا يستحق أي تحوّط أو احتماء، فرئيس بورصة نيويورك نفسه يقرّ ويعترف بأن «لبنان يمثّل واحدة من دول قليلة لا تصارع فيها المصارف من أجل البقاء»... هذه شهادة «صحّية» لا تُمنح كيفما كان، فالنموذج اللبناني يستحقها فعلاً، حتى لو كان على اللبنانيين أن يصارعوا من أجل بقاء المصارف ومعها (أو بفضلها) كل آليات عمل هذا النموذج، الذي يترك أكثر من نصف اللبنانيين بمداخيل لا تكفي لسد حاجاتهم الأساسية ولا تشملهم أي تغطية صحية ولا أي نظام تقاعد أو حماية من مخاطر الشيخوخة ولا أي ضمانة لمدّخراتهم الضئيلة التي يمكن أن تتبخّر في أي لحظة عندما لا يصبح لصوت الأجراس معنى آخر لا يوحي بالخطر.