رامي زريقفيما يتشارك ممثلو المعارضة والأكثرية في الحكومة هوس الانتساب إلى منظمة التجارة العالمية، يقتضي التذكير بأن دخول هذه المنظمة يجري بإحدى الصيغتين: كباعة أو كمستهلكين. ولبنان، الذي لم ينتج شيئاً منذ الأبجدية التي صدّرها إلى العالم، سوف يكون حتماً ضمن المستهلكين، ما يعني أننا سوف نفتح أسواقنا على مصراعيها للإغراق المنظم الذي تمارسه دول تدعم قطاعاتها الإنتاجية، لا سيما الزراعي. هذه المنافسة غير العادلة ستؤدي إلى إعدام للزراعة اللبنانية ستظهر تبعاته على أصعدة عدة.
فالزراعة التقليدية في لبنان تحافظ على التنوع البيولوجي، بينما ستفرض شروط المنظمة، بعد الانضمام، دخول الكائنات المعدلة جينياً إليها. ومن ناحية أخرى، يتساءل من يراقب الشعارات السياسية في لبنان: كيف تستطيع القوى السياسية أن تخوض معارك ضارية تحت شعار السيادة، وهي تسلّم شعبها في صفقة غير مشروطة، لنزوات البلدان المصدّرة للغذاء؟ أما على الصعيد الاقتصادي، فلا يزال القطاع الزراعي يمثّل نسبة لا يستهان بها من الدخل القومي ومن الدخل الفردي. تتراوح هذه النسبة، بحسب المراجع، بين 8% و12%. كما أن أكثر من 30% من الشعب اللبناني يعتمد كلياً أو جزئياً على الزراعة في معيشته.
وحتى لو سلمنا أن لا مكان للزراعة في الاقتصاد اللبناني، فنحن لا نزال ننتظر من جهابذة الاقتصاد أن يعلموا المزارعين بمخططاتهم في ما يتعلق بمصيرهم. وبما أننا سوف نحتفل بعد فترة قصيرة باليوم العالمي للمرأة، فلا بد من الإشارة إلى أن المرأة الريفية الفقيرة التي تكسب أجراً أقل من نصف أجر الرجل، والتي تحمل مسؤولية البيت والأولاد إلى جانب عملها الشاق هي أكثر فئة متضررة من إعدام القطاع الزراعي. ولكن من يهتم؟
فصناع القرار كلهم رجال.