لدى لبنان مهلة 7 أشهر لإنشاء آليات مراقبة الاحتجاز والوقاية من التعذيب، بعدما وقّع على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمناهضة التعذيب في أيلول 2008، ليكون البلد الأول في الشرق الأوسط الذي يوقّع عليهامحمد نزّال
التعذيب واحد من أكثر الانتهاكات جسامة للحقوق الأساسية التي يتمتع بها الفرد. فهو يعرّضه للهلاك ذهنياً وبدنياً ويقضي على كرامته، ويخلّف آثاراً بعيدة المدى على أسرته ومجتمعه. هذا تؤكده جمعية الوقاية من التعذيب «APT» التي تتخذ من جنيف مقراً لها. وقد أقامت الجمعية يوم أمس وأول من أمس ورشة في بيروت، لمساعدة لبنان على إنشاء آليات تطبيق «البروتوكول الاختياري» لاتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمناهضة التعذيب، ولوضع استراتيجيا لتحرك المجتمع المدني على هذا الصعيد. وكان لبنان قد وقّع على البروتوكول في أيلول 2008، ما يوجب عليه في مدة لا تتجاوز سنة إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحماية حقوق الإنسان ومراقبة آليات الاحتجاز. وتشرح مندوبة «APT» إستر شوفلبرغر لـ«الأخبار»، أن هذا النشاط يندرج في إطار برامج المبادرة الأوروبية لرعاية حقوق الإنسان. وأشارت إلى أن لبنان هو أول دولة توقّع على البروتوكول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منضماً بذلك إلى 45 دولة وقّعت عليه في العالم، «وهو لذلك يستحق التهنئة والتشجيع والمساعدة»، وهذا ما قالته شوفلبرغر لوزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ خلال لقائها به. كذلك سيكون للجمعية الدولية لقاء مع وزير العدل إبراهيم نجار في وقت لاحق للتباحث معه في الشأن عينه. وبموجب البروتوكول الاختياري، تستطيع كل من الهيئات الدولية والوطنية القيام بزيارات منتظمة لجميع أماكن الاحتجاز، وإجراء مقابلات مع الأشخاص الذين يختارونهم. وتُُعرّف أماكن الاحتجاز، حيث تضم مراكز التوقيف رهن المحاكمة، سجون الحبس الاحتياطي، سجون المحكوم عليهم، مراكز الأحداث، مراكز الهجرة، مناطق التجمع الخاصة بالموانئ الدولية، مراكز الاحتجاز الخاصة بطالبي اللجوء، المصحّات النفسية، أماكن الحجز الإداري.
وأعطت شوفلبرغر عدة نماذج عن الدول التي وقّعت على البروتوكول وأنشأت الآليات اللازمة، ومنها فرنسا التي أنشأت هيئة وطنية لمراقبة آليات الاحتجاز من خلال فريق عمل مختص. وأصدرت في سنة 2008 تقريرين عن الإنجازات الحاصلة. وفي المالديف نموذج آخر لدولة كان لديها مؤسسة مستقلة لحقوق الإنسان، عملت على قوننتها ثم إدخالها ضمن الإطار الرسمي لمراقبة آليات الاحتجاز.
وتقدّم الهيئات المعنية بحسب البروتوكول، توصيات بغرض تحسين معاملة وظروف احتجاز الأشخاص المحرومين من حريتهم، ولخلق مناخ من التعاون. وتنبثق لجنة فرعية من لجنة منع التعذيب، تحظى تقاريرها بالسرية إلا في حالة موافقة الدولة الطرف على نشرها أو في حالة انعدام التعاون بين الدولة الطرف والخبراء الذين يقومون بالزيارات. ولا تعد السريّة شرطاً مفروضاً على الهيئات الوطنية الزائرة.
ورغم أسبقية لبنان في تعهداته، إلا أن أي تغييرات جدية لم تطرأ بعد على سجونه وأماكن التوقيف فيه، حيث لا يزال الموقوفون يفتقرون لأبسط الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الإنسان.
وقد أقيمت ورشة العمل بدعم من الاتحاد الأوروبي، وبتنظيم من مركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب. وشارك فيها ممثلون عن كل من منظمة العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، جمعية الوقاية من التعذيب، مجموعة العمل على الوقاية من التعذيب في لبنان، مركز الخيام، مركز بيناكل والمركز اللبناني لحقوق الإنسان.