أسس ثمانية طلاب في زغرتا مجموعة «بالعكس» لأنّه «في هذا الزمن العكس هو القائم»، كما جاء في العدد الأول من مجلتهم. وصدرت من المجلة ثلاثة أعداد، ونظمت المجموعة معرضاً للكتاب
إيلي حنا
دفعت الصداقة التي تجمع ثمانية شبان من «مدرسة دلاسال ـ كفرياشيت» في قضاء زغرتا وهواية مشتركة هي المطالعة إلى تأسيس مجلة أطلقوا عليها اسم «بالعكس». خرج الشباب الثمانية إذاً عن القطيع المنساق وراء ثقافة التسطيح والسخافة، وعن الصف المتراصّ أمام شاشات برّاقة وشعارات فارغة وراحوا يكتبون، «نحن نكتب لأنّ الكتابة تعكس الوجود»، يقول بول مخلوف، أحد المؤسسين. بعد صدور العدد الصفر التجريبي نشر العدد الأول في شباط 2008 الذي عمل الشبان على تحسينه فضم زهاء 25 موضوعاً ومشاركين من خارج المجموعة. حينها كان الجميع يحضّر لامتحاناته الرسمية. فانقطع الشبان عن مجلتهم حتى انتهاء العام الدراسي. في بداية صيف 2008 أثناء لقاء الشباب في أحد مقاهي زغرتا اتُّخذ القرار باعتبار المجلة المشروع الأول، وتوسعة دائرة النشاط «إلى ما يتعدى دائرة تسجيل المواقف». رصّت المجموعة صفوفها وكثّفت لقاءاتها على رغم الابتعاد القسري المنتظر عند بدء العام الجامعي. وشملت مسألة توسعة دائرة النشاط تنظيم معرض كتاب في مصيف إهدن لأربعة أيام لاقى إقبالاً لافتاً، تعرّف خلاله النسيج الزغرتاوي على «مجموعة بالعكس». إذ قبيل افتتاح المعرض اعتمد الشباب التسمية النهائية لمجموعتهم، حسبما يروي ميلاد الدويهي. وتعتمد المجموعة على صندوق مالي أسبوعي للأعضاء إلى جانب بعض التبرعات والإعلانات المدفوعة التي تغطّي كلفة المجلة.
صدر العدد الثاني من مجلة «بالعكس» في أيلول 2008، وقفز فيه عدد الصفحات من 32 إلى 48، والإعلانات من 5 إلى 8. كما ارتفع عدد المشاركين في تحرير الموضوعات وكتابتها، وأصبحت مقتطفات من شعر محمود درويش ومقاطع من «الموت السعيد» لألبير كامو تباع على الطرق الرئيسة في زغرتا وجوارها وتصل إلى عدد كبير من العائلات والأصدقاء والمثقفين. فيما العدد الثالث تحت الطبع حالياً.
لم تنسَ «بالعكس» غزّة قي أيام محنتها، أو بالأحرى لم تتغاضَ عن الموضوع تفادياً لفتور نبض الشارع الزغرتاوي عن قلب فلسطين، بل عنونت بيانها التضامني الذي وزعته بـ«كلنا معنيون». ورأى البيان أنّه «على رغم الكيلومترات التي تفصلنا، تجمعنا الكثير من الروابط الإنسانية المحطمة لحواجز الحدود والماضي». واختتم الشباب بيانهم «بالدعوة إلى الانتقال إلى مشروع انتفاضة عربية عابرة للحدود».
يُجمع مؤسسو «بالعكس» على دعم النهج المقاوم والعلمانية وضرورة بناء الدولة المدنية. خيارات يؤكدون أنّها خارج الخيار الزغرتاوي التقليدي. ويواجه الشبان الإقطاعية والعائلية وما ينتج منها من فراغ ثقافي بحسّ نقدي لاذع وبالتحرّر من أي ارتباطات فطرية.
يسعى «العكسيون» للانتشار وفتح باب الانتساب بعد تقديم علم وخبر لوزارة الداخلية، وقد اتخذوا مركزاً لهم منذ أيام قليلة سيضم مكتبة متاحة للجميع، ويجري البحث في تنظيم نشاط شهري على الأقل كندوة وعرض أفلام هادفة.
لا مراكز ومسؤوليات حتى اللحظة الراهنة في المجموعة بإنتظار اتخاذ الشكل القانوني، فالجميع يقوم بعمل الجميع، كما يؤكد نزار عاقلة.


مؤسسو «بالعكس» هم: بول بوهارون، جوزيف فرنجية، فرنسوا الدويهي، وهيب الجعيتاني، بول مخلوف، جوزيف معوض، ميلاد الدويهي ويوسف القس حنا. يشرف على مجلتهم المربي فوزي يمين والتصميم لفرنسوا الدويهي (الصورة).