باشرت 9 مدارس رسمية لبنانية مشروع «التعليم الرقمي في البلدان العربية»، بالتنسيق بين وزارة التربية ومؤسسة الفكر العربي وشركة انتل
فاتن الحاج
تجلس نسب قرحاني، التلميذة في السابع أساسي، وراء صديقها، «الكومبيوتر الأزرق» (classmate pc). لا تصدّق الفتاة أنّ جهازاً بهذا اللون، وبهذا الحجم الأقرب إلى اللعبة سيكون مصدراً لتعليم الفيزياء. تستمتع بحلول الشاشة المتحركة مكان الكتاب «الناشف». تفرح لأنّها تستوعب كل كلمة تشرحها المعلمة، «قبل، كنت أوقات في إشيا ما إفهمها وأوقات يكون في ضجّة بالصف ما إسمع شو عم تقول المدام، بس هلق كل شي عم نشوفو أمامنا وكل واحد منّا راسو بالكومبيوتر».
تشرح ميّا طنب، معلمة الفيزياء في مدرسة التباريس الرسمية للبنات النموذجية، كيف استطاعت «الكومبيوترات» ضبط الصف فلم يعد التلامذة يتسايرون مع أقرانهم «بس ما عم يتخايلوا يتعلموا من شي بيتسلوا عليه». لكن «هذا الجيل يتقن مفاتيح استخدام الكومبيوتر بالفطرة وخُلق مع التكنولوجيا»، تقول ليلى كريدي، معلمة العلوم في المدرسة. وبينما كانت كريدي لا تقوى على إجراء سوى اختبار بسيط في الصف حول مبدأ الحركة (mouvement) باتت تطلع تلامذتها بواسطة الكومبيوتر على الحركة في المكيّف (AC) أو المياه.
مدرسة التباريس الرسمية للبنات النموذجية ليست المدرسة الوحيدة التي يطالها مشروع «التعليم الرقمي في البلدان العربية». فالمشروع وزع 560 جهازاً على: مدرسة التباريس، متوسطة عاليه الرسمية المختلطة، متوسطة الياس أبو شبكة الرسمية المختلطة، متوسطة الشهيد عبد الكريم الخليل، رأس النبع الرسمية للبنات، أسعد السبعلي الرسمية، جبران خليل جبران، مدرسة زحلة الرسمية وصيدا اللبنانية الكويتية الرسمية.
ويأتي المشروع ضمن مذكرة التفاهم الموقعة بين مؤسسة الفكر العربي وشركة انتل العالمية لتوزيع 9 آلاف جهاز كومبيوتر مخصص للتعليم في كل من مصر والمغرب وفلسطين ولبنان والأردن. وقد حرصت مؤسسة الفكر العربي، كما قال رئيس اللجنة التنفيذية لمؤتمرات فكر الأمير بندر بن خالد الفيصل، على أن تنطلق المرحلة الأولى ويُعلن قريباً عن هبة مماثلة من المملكة الأردنيّة الهاشميّة ليصل العدد الإجمالي إلى 2240 حاسوباً.
أما في لبنان، فقد اختار فريق عمل مؤلف من وزارة التربية، مؤسسة الفكر، شركة انتل وتريبل سي (وكيل انتل في لبنان) المدارس التسع وفق الأصول المتبعة بطريقة تراعي التمثيل المناطقي وتوفر مستلزمات النجاح من تأمين أساتذة ملمّين باستعمال الكومبيوتر، وخدمة الإنترنت بالسرعة اللازمة لتلبية حاجة التعليم الرقمي. وتجيب اختصاصية المعلوماتية والاتصالات في وزارة التربية دانا شديد على هواجس المعلمين بشأن خطورة اقتصار المشروع على صف واحد «اخترنا صف السابع بناءً على معطيات عدة، منها أنّ هذا الصف يمثل مدخلاً إلى المرحلة المتوسطة وإمكان دراسة تعميم هذا المشروع في حال نجاحه على باقي صفوف هذه المرحلة (الثامن والتاسع). وتابعت الوزارة، وفق شديد، تجهيز البنى التحتية في المدارس المعنية لجهة توفير خدمة الإنترنت والتوصيلات الكهربائية، وأنهت تركيب الأجهزة في 10 شباط الماضي، تمهيداً لإطلاق المرحلة الثانية من المشروع ومحورها مواكبة مدى تجاوب الأساتذة والطلاب مع الأسلوب الجديد في التعليم.
وقد وعدت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري، في مؤتمر صحافي عقدته، أمس، «بأننا سنعلن نتائج ورش العمل التي نظمناها لخدمة هذا المشروع». ورداً على سؤال عن إمكان وصول اليوم الذي ستجرى فيه الامتحانات الرسمية بواسطة الكومبيوترات، قالت: «برنامج التأهيل مستدام وسنبدأ هذه السنة مكننة الامتحانات، لكن أخاف أن يسبق الطلاب الأساتذة، والتجربة علّمتنا أنّ الأستاذ الذي لا يطبق ينسى». وأعلنت أن طموحها الوصول إلى المدرسة الرقمية حيث يحمل التلميذ كومبيوتره وعليه ملفاته ومعلوماته. يذكر أنّ تلامذة المشروع الحالي لا يصطحبون معهم حواسيبهم إلى المنزل، وبالتالي لا يجرون فروضهم بواسطته.