تنتهي اليوم ورشة العمل التدريبية التي ينظّمها «المركز اللبناني للتعليم المختص» (كليس). وتناولت الورشة التي استقبلت ما يزيد على مئة أستاذ ومعلمة من المدارس الرسمية والخاصة الصعوبات التي يواجهها الأولاد للتعلم. كذلك عرضت حلولاً لهذه الصعوبات، ومنها الألعاب التربوية
ديما شريف
هل يمكن استعمال الألعاب التربوية لتعليم التلميذ لغة جديدة؟ هل باستطاعتنا تطبيق مثل هذه الألعاب في المدارس الرسمية؟ هل سيفهم التلميذ قوانين اللعبة بسرعة؟ كانت هذه عيّنة من الأسئلة التي طرحها المشاركون في ورشة العمل التدريبية التي ينظمها «المركز اللبناني للتعليم المختص» (كليس) عن «الألعاب التربوية: مدخل إلى الكتابة». الورشة هي السادسة على التوالي للمركز الذي بدأ عمله منذ عشر سنوات، وهي كسابقاتها موجَّهة إلى أساتذة التعليم الابتدائي في المدارس الرسمية والخاصة تقدمها لجنة اختصاصيين بلجيكيين في مجال صعوبات التعلم. ويساعد المركز كلّ الأولاد ذوي صعوبات التعلّم مجاناً، ويقيم جميع نشاطاته بالتنسيق والتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي. جاءت هذه الأسئلة في الجلسة الثانية من اليوم الثاني للورشة التي تنتهي اليوم. إذ عرضت إحدى الاختصاصيات من الوفد البلجيكي للألعاب التربوية التي يستخدمها بعض الأساتذة البلجيكيين، التي لا تتطلب سوى نسخها من الإنترنت لأنّها لا تخضع لقانون حفظ حقوق المؤلف، كما أوضحت الاختصاصية سيلفي فان لينت. كذلك يمكن الأساتذة إعداد هذه الألعاب مع تلاميذهم، لأنّها في معظمها لا تتطلب سوى بعض الورق المقوى والأقلام وقدرة على الرسم لتنفيذها. وتعتمد هذه الألعاب على الرسوم والذاكرة البصرية للتلاميذ.
فاللعبة الأولى توظف قدرة التلميذ على الربط وتشبه لعبة «المونوبولي» الشهيرة، ويمكن أن يلعبها أربعة تلاميذ في الوقت نفسه من عمر 5 إلى 8 سنوات. والهدف من اللعبة الوصول إلى المكتبة وجمع كل البطاقات المتشابهة. أما اللعبة الثانية الأكثر شعبية بين التلاميذ كما بينت التجربة، وفق لينت، فهي صراع الكلمات. وتقوم هذه اللعبة على توزيع بطاقات عليها رسوم لأشياء على التلاميذ، ويتنافس هؤلاء في ما بينهم على الكلمة التي تحتوي على العدد الأكبر من المقاطع اللفظية (Syllables). وعندما يلعب التلاميذ هذه اللعبة ينسون أشكال الأشياء على البطاقات، ويبدأون بالتفكير بالكلمة ويسمعونها لتقطيعها. وتقول لينت إنّ هذه اللعبة تمكن ممارستها في كل اللغات وحتى مع الأهل في المنزل، وتهيئ التلميذ ليبدأ الكتابة. واعترضت إحدى المدرّسات المشاركات في الورشة على لعبة تقوم على الربط بين الكلمات التي تنتهي باللفظة نفسها، لأنّ ذلك يحتّم على التلميذ أن يمتلك قاموساً كبيراً من المفردات. لكنّ لينت أشارت إلى أنّه يمكن لعب كلّ الألعاب باللغة الأم للتلميذ وحتى في اللغة المحكية لتعويده إياها شيئاً فشيئاً. كذلك تمارَس هذه اللعبة بطريقة معاكسة، أي الربط بين الكلمات التي تبدأ باللفظ ذاته. ويمكن استخدام الكلمات التي تلفظ بالطريقة نفسها، لكن تكتب بطريقة مختلفة كي يربط التلميذ بين اللفظ والكتابة.
أما المدرسون المشاركون في الورشة، فوجد بعضهم صعوبة في تطبيق الألعاب، رغم بساطتها في صفوفهم. فقال أحدهم إنّ من المستحيل عليه ضبط الصف إذا أراد تطبيق هذه الألعاب في حصص التدريس، لكنّه وجدها مساعدة جداً إذا أراد إشراك بعض تلاميذه الذين يحتاجون إلى المساعدة. وسألت زميلة له عن مدى إمكان ممارسة مثل هذه الألعاب التربوية في الصف مع تلاميذها وترك المناهج المقررة جانباً، وخصوصاً أنّها تعلّم في مدرسة رسمية. لكن إحدى المعلمات الأصغر سناً أبدت إعجابها بالألعاب، وقالت إنّها تستخدم بعض الأساليب التي تشبهها في صف الروضة الثالثة التي تدرسه في إحدى المدارس الخاصة.


مواجهة التعسُّر في القراءة والكتابة

«أصعب ما نواجهه هو إقناع الناس بأنّ هناك أولاداً يحتاجون إلى هذا النوع من المساعدة»، تقول رئيسة «المركز اللبناني للتعليم المختص» (كليس) كارمن شاهين. وتتحدث شاهين عن صعوبة إقناع الناس بالاهتمام بالتلاميذ الذين يعانون عسراً في القراءة والحساب مثلاً، لأنّهم ليسوا معوقين ولا يواجهون خطر الموت، وهؤلاء هم الفئة التي يسعى الناس في العادة إلى مساعدتها. لكن يجب مساعدة التلاميذ الذين يعانون صعوبات في التعلم كي يُصبحوا منتجين باكراً، كما تقول شاهين، إذ يمكن أن يعوق تعسرهم في القراءة أو الحساب تقدمهم الدراسي، ما يؤدي إلى أن يكونوا لاحقاً أعضاء غير منتجين في المجتمع. لكن يمكن هؤلاء أن يتخطّوا مشكلتهم في حال معالجتها في عمر مبكر.