حسام كنفانيمسار حوار المصالحة الفلسطينية لا يبشّر. الضغوط عنيفة والمشاريع واعدة، غير أن أيّ واقع تصالحي لا يبدو مطروحاً في ظل القيادة المصرية للمفاوضات الفصائليّة. قيادة تدفع نحو اتفاق في أسرع وقت ممكن، بغض النظر عن إمكان الاستمراريّة. هذا على الأقل ما تشي به تسريبات المتحاورين، التي تشير إلى أن القاهرة لا ترى من الحوار غير الحكومة، بصرف النظر عن باقي الملفات الشائكة المطروحة. وهذا ما أوحى به رئيس الاستخبارات عمر سليمان ووزير الخارجيّة أحمد أبو الغيط، لدى حديثهما عن حكومة «في أسرع وقت».
الحكومة هي جلّ ما يهتمّ به المسؤولون المصريّون، الذين وجدوا من يجاريهم في هدفهم من القياديّين في حركتَيْ «حماس» و«فتح»، لأسباب متعارضة، ولكنها تحوم حول إعادة إعمار قطاع غزّة والأموال الموعودة من الدول المانحة. فالكلام العلني المصري والفلسطيني يبدو مختلفاً جداً عن حديث الغرف المغلقة، ومن المؤكّد أن عمر سليمان يعلم جيداً أن أيّ حكومة، بالتوصيف الذي وضعه خلال افتتاح أعمال اللجان أول من أمس، لا يمكن أن ترى النور خلال عشرة أيام ولا حتى خلال شهر، نظراً إلى تباعد المواقف، بدءاً من المسمّى (وفاق أو وحدة)، مروراً بهوية الأعضاء (مستقلّين أو فصائليّين)، وصولاً إلى البرنامج وتوافقه مع الشروط الدوليّة. وبالتالي، فالمحاولة المصريّة قائمة على تأليف حكومة كيفما اتفق، وبالحد الأدنى من التوافق، لإمرار استحقاقَي قمّة الدوحة وإعادة الإعمار، حتى وإن بقيت غالبية الملفّات الأخرى عالقة، وقائمة على عناصر تفجيرية لأي مسعى وفاقي.
ومن مسار الأحداث في القاهرة، لا يبدو أن البحث يجري عن مصالحة فلسطينية، بقدر ما هو قائم على خلق «إنجاز» مصري، ولو كان وهميّاً وغير دائم، وتقديمه إلى القمّة العربيّة في الدوحة على أنه دليل على جدارة القاهرة في إدارة الملف الفلسطيني، ورفضها لأي تدخّل في هذا الشأن.
المسار يبدو إعادة إحياء لطريق مكّة الذي سلكته حركتا «حماس» و«فتح» في عام 2007، وأوصل إلى النتائج الكارثية المعروفة. مسار يبدأ بحكومة غير معمّرة، تنهار عند أيّ محكّ مفصلي، سواء كان أمنيّاً أو سياسيّاً، لتنتج حالة فصل جديدة يصعب احتواؤها مجدّداً.